الزميل مُعين المراشده يكتب: الإعلام الرسمي ليس ترفًا.. بل ضرورة وطنية
كتب: مُعين المراشده * -
لا يمكن إنكار أن المشهد الإعلامي في الأردن يمرّ بمنعطف حرج يتطلب قرارات جريئة وإرادة سياسية واعية، ولهذا فإن ما قاله دولة رئيس الوزراء الدكتور جعفر حسان حول ضرورة تطوير أدوات الإعلام الرسمي خلال لقائه مع رئيسي مجلسي إدارة مؤسسة الإذاعة والتلفزيون ووكالة الأنباء الأردنية (بترا)، هو كلام في الاتجاه الصحيح، ويستحق التقدير والدعم من جميع الحريصين على صورة الأردن وقيمته الإعلامية.
فالإعلام الرسمي ليس ترفًا ولا مجرد نافذة أخبار حكومية، بل هو عنوان السيادة الإعلامية للأردن، وهو النافذة التي يرى من خلالها الداخل والخارج ملامح البلد، عقله، صوته، نبضه.
لكن ما نراه اليوم – بكل صراحة – هو أن مؤسساتنا الإعلامية الرسمية تشكو من الترهل والجمود، رغم وجود كوادر مبدعة، وفرص غير مستغلة.
ولهذا فإن دعوة الرئيس حسان لتحديث أدوات الإعلام ليست مجرد تجميل لصورة، بل هي محاولة جادة لتجديد دم الإعلام الوطني، واستعادته لدوره الحقيقي.
لن يكون هناك إصلاح إعلامي حقيقي ما لم تُفتح الأبواب للكفاءات الحقيقية، بعيدًا عن عقلية التوريث الإداري، وتعيينات المجاملة، والتمكين القائم على العلاقات لا القدرات.
في مؤسساتنا الإعلامية الرسمية – للأسف – مبدعون مهمشون، وأصحاب خبرات على الهامش، بينما يتصدر المشهد من تم تعيينه بـ"الواسطة" أو لمجرد الولاء، لا الكفاءة.
وإذا أردنا تطوير الإعلام، فلا بد من، استقطاب أصحاب الفكر والرؤية، لا أصحاب العلاقات، و فتح الباب للجيل الجديد من الإعلاميين، المدربين والمؤهلين، ومحاسبة من يقصّر، ومكافأة من يُبدع.
ومن الظواهر المؤذية جدًا في الإعلام الرسمي، تلك التي تتعلق بـازدواجية العمل؛ إذ يعمل بعض الموظفين في الإعلام الرسمي، وفي ذات الوقت في مؤسسات إعلامية خاصة – أحيانًا بميول سياسية أو اقتصادية متضاربة مع سياسة الدولة.
وهنا، لا بد من الحزم. فلا يجوز، أن يستغل البعض مناصبهم الرسمية للترويج لجهات أو أجندات خاصة، أو أن يعمل الإعلامي الرسمي بدوامين، ويقدّم وجهين، ويخدم أكثر من جهة، نريد إعلاميًا ولاؤه المهني خالص للدولة ومصالح الناس، لا موزعًا بين قنوات وأجندات.
ما نحتاجه اليوم هو إعادة تعريف دور الإعلام الرسمي، أن يكون لسان المواطن لا مجرد ناطق باسم الحكومة، أن يمتلك المصداقية والشجاعة في الطرح، لا مجرد تكرار البيانات، أن يُنتج محتوى ينافس ويقنع ويُلهم، لا مجرد ملء فراغات النشرة.
أخيراً أشدّ على يد دولة الرئيس في هذه الدعوة الجريئة، وأتمنى أن تتحول إلى سياسة واضحة تنفذ على الأرض لا تبقى حبرًا على الورق.
فالإعلام الرسمي هو مرآتنا أمام الداخل والخارج، وإذا شاخت مرآتنا، فلن يرى العالم منّا شيئًا يليق بتاريخنا وقيمتنا.
حان الوقت أن نقولها بصوت عالٍ، نريد إعلامًا رسميًا قويًا، لا لأنه يتحدث باسم الدولة، بل لأنه يتحدث بلغة الناس، وبعقل الدولة.
* ناشر ورئيس هيئة تحرير وكالة الرقيب الدولي الإخبارية.