جائزة ولي العهد لأفضل مشروع تخرج: منصة استراتيجية لتمكين العقول وتعزيز التنمية الوطنية
د. سناء عبابنه -
تمثل جائزة ولي العهد لأفضل مشروع تخرج مبادرة نوعية تهدف إلى تحفيز الطاقات الإبداعية لدى طلبة التعليم العالي، وتحويل مخرجات التعليم الجامعي إلى مشاريع ابتكارية ذات أثر ملموس على الواقع الاقتصادي والتنموي في المملكة.
من منظور أكاديمي، لم يعد الطالب مجرد متلقٍّ للمعرفة، بل أصبح فاعلاً محورياً في منظومة الابتكار وصناعة المستقبل. فكل فكرة ريادية يقدمها طالب جامعي، وكل مشروع تخرج يستند إلى أساس علمي متين ويقدم حلاً عملياً، هو بمثابة لبنة في صرح التنمية المستدامة، وتجسيد حيّ لرؤية المملكة في تمكين الشباب وتحفيزهم على الإسهام الفاعل في مسارات التحول الوطني.
تُعد الجائزة تجسيداً عملياً لرؤية استراتيجية تؤمن بأن الشباب ليسوا فقط قادة المستقبل، بل هم محركو التغيير وصنّاع التنمية. ومن هذا المنطلق، تسعى الجائزة إلى تشجيع المشاريع التطبيقية التي ترتكز على البحث العلمي الرصين، وتتماهى مع احتياجات السوق، وتنسجم مع أولويات الاقتصاد المعرفي، بما يعزز التنافسية الوطنية في القطاعات الحيوية.
لقد أثبتت التجربة الأكاديمية أن المشاريع الطلابية – إذا ما توفرت لها البيئة الحاضنة والدعم المؤسسي – يمكن أن تتحول من مجرد متطلبات دراسية إلى منتجات قابلة للتنفيذ والتسويق، بل وتتبناها جهات حكومية وقطاعات خاصة كحلول مبتكرة لتحديات قائمة. وهنا تبرز أهمية الجائزة كمنصة تشجيعية لربط التعليم الجامعي بالواقع العملي، وتعزيز ثقافة الابتكار في بيئة أكاديمية محفّزة.
في السياق ذاته، تُبرز الجائزة الحاجة المتزايدة إلى تكامل الأدوار بين مؤسسات التعليم العالي وقطاعات الأعمال، من خلال تعزيز الشراكات الاستراتيجية، وتبادل الخبرات، وتوجيه البحث العلمي نحو تلبية الاحتياجات الفعلية للاقتصاد والمجتمع. فبهذا التعاون تتقاطع الأهداف التعليمية مع متطلبات التنمية، وتتحول قاعات المحاضرات إلى حاضنات حلول ومصانع أفكار قادرة على الإسهام في تحقيق مستهدفات الرؤية الوطنية.
إن المرحلة الراهنة تتطلب تجاوز النموذج التقليدي في التعليم، والتركيز على تمكين الطالب الجامعي، وتنمية مهاراته في التفكير النقدي، والابتكار، وريادة الأعمال. ومن هنا تنبع القيمة المضافة لجائزة ولي العهد، بوصفها أداة استراتيجية لتعزيز جودة مخرجات التعليم العالي، وتحفيز الجرأة الفكرية، وربط مخرجات البحث الأكاديمي بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية.
وفي المحصلة، فإن الرهان الحقيقي يبقى دائماً على رأس المال البشري الوطني. فكل مشروع تخرج يُنفذ بشغف علمي، ويُقدم برؤية مستقبلية، ويُدعم بثقة مؤسسية، هو خطوة نوعية نحو وطنٍ أكثر تقدماً وازدهاراً. وجائزة ولي العهد لأفضل مشروع تخرج، ليست مجرد تكريم للتميز، بل هي خارطة طريق لتوجيه الإبداع الشبابي نحو بناء مستقبل يليق بطموحاتهم، وبتاريخ وطنهمًً.
جامعة البلقاء التطبيقية