الزميل مُعين المراشده يكتب: بيان "بلدية إربد" بشأن "ميدان فضل الدلقموني" .. يقايض الوفاء بالبيروقراطية
.
كتب: مُعين المراشده * -
طالعتنا بلدية إربد الكبرى مؤخرًا ببيان رسمي يبرّر قرارها المفاجئ باستبدال اسم "ميدان المرحوم فضل الدلقموني" باسم "ميدان الحرمين". وقد جاء التبرير، بكل بساطة، تحت عنوان: "منع الازدواجية"، على اعتبار أن هناك شارعًا يحمل الاسم ذاته!
والسؤال الجوهري هنا: منذ متى كانت الازدواجية في تسمية المعالم عذرًا مقبولًا لمحو أسماء الرموز الوطنية؟! وهل يُعقَل أن تُقايَض القامات الوطنية العظيمة بإجراءات بيروقراطية باهتة، وكأنّ أسماء الرجال تُقاس بعدد اللافتات لا بعمق الأثر في الضمير الجمعي والوجدان الشعبي؟!
المرحوم فضل الدلقموني ليس اسمًا طارئًا في تاريخ المدينة أو الوطن، بل هو واحد من رجالات الأردن الشرفاء، الذين ارتبطت أسماؤهم بالوفاء والعمل والكرامة والنضال. هو من الأسماء التي لا تنتمي فقط إلى شارع أو ميدان، بل تنتمي إلى مرحلة، إلى ذاكرة، إلى جيلٍ ما زال ينهل من إرثه النظيف والمضيء.
في الدول التي تحترم رموزها، لا يُختصر تكريم القامات في اسم شارع أو ميدان، بل تُطلق أسماؤهم على المدارس والميادين والقاعات والمراكز الثقافية، لأنهم – ببساطة – لا يتكررون. أما ما حدث اليوم، فهو سابقة تستحق الوقوف عندها، لا لأنها تطال اسمًا فقط، بل لأنها تمسّ قيمة الوفاء التي يجب أن تكون أسمى من الحسابات الإدارية الضيقة.
البلدية مدعوّة اليوم إلى مراجعة هذا القرار، لا مراعاة لمجرد اسم، بل حفاظًا على احترامها هي أولًا، ولصون رمزية رجل نذر حياته للأردن وإربد، وكان عنوانًا للنزاهة والانتماء.
الرموز الوطنية لا تُلغى، بل تُخلَّد. ومن أراد أن يكرّم "الحرمين"، فثمة ميادين كثيرة لم تُسمّ بعد. أمّا "فضل الدلقموني"، فمكانه في الميدان والشارع والحديقة والمدرسة والمسرح والوجدان معًا، ولا يليق بمقامه إلا الوفاء والخلود .
* ناشر ورئيس هيئة تحرير وكالة "الرقيب الدولي" الإخبارية .