اجتماع الملك مع رؤساء السلطات وقادة الأجهزة الأمنية .. رسائل استراتيجية حاسمة
كتب: د. زيد مُعين المراشده * -
مع اشتداد الصراع في الإقليم وعلى مستويات غير مسبوقة ، يطل جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين في توقيت مهم ، بثبات القائد ورؤية رجل الدولة ، ليجدد التأكيد أن الأردن يملك من الحكمة والصلابة ما يكفل له التوازن والوضوح .
ففي اجتماع رفيع ، جمع رؤساء السلطات وقادة الأجهزة الأمنية في قصر الحسينية ، ترأسه جلالته بصفته المرجعية العليا والضامن لوحدة الدولة وتماسكها ، حمل في مضمونه رسائل استراتيجية حاسمة ، وبلور في مخرجاته موقفا وطنيا لا يقبل التأويل ، ولا يخضع للمساومة أو الضغوط ، مفاده أن الأردن دولة ذات سيادة ، وموقفها ليس قيد المراجعة ، وأن التشكيك بمبادئها تجاه قضايا الأمة لن يجد موطئا في ضمير الأردنيين ، ولا بين أروقة مؤسساتها .
لقد قالها جلالة الملك بوضوح يخلو من الالتباس: "لن نسمح لأحد باستغلال ما يجري في الإقليم للتشكيك بمواقف الأردن الراسخة"، وهذه عبارة تعد إعلان صريح بأن ثوابت الأردن ليست ورقة على طاولة المقايضة ، وأن مواقفه لا تتغير بتغير الأمزجة أو تحولات المصالح .
ما قاله الملك اليوم هو رسالة إلى الداخل والخارج معا ، الأردن ليس تابعا ، وإنما صاحب صوت وموقف ، وحارس أمين على ضمير الأمة وقضاياها ، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية التي تشكل جوهر النزاع في المنطقة .
ومن موقعه كرأس الدولة ورمزها ، وجه جلالته جميع مؤسسات الدولة للعمل بروح واحدة لتخفيف الأثر الاقتصادي الذي خلفه تصاعد التوتر في الإقليم ، واضعا نصب عينيه معاناة المواطن ، في إشارة واضحه لرفض جلالته تحميله كلفة حسابات لا يد له فيها ، ولا طاقة له بها القلب .
في حديثه عن الإقليم ، كان جلالة الملك هو نفسه الذي لم يتردد يوما في كشف جوهر النزاع ، الصراع الفلسطيني الإسرائيلي ، الذي لا يمكن لأي حلول ترقيعية أو مسكنات دبلوماسية أن تطمس مركزيته .
موقف الأردن ، كما أعاد تأكيده جلالته ، لا يخرج عن إطار القانون الدولي وحق الشعوب في تقرير مصيرها ، مطالبا بتكثيف الجهود الدولية لوقف إطلاق النار في غزة ، وتهدئة الأوضاع في الضفة الغربية والقدس ، وصولا إلى حل جذري وشامل يقوم على أساس حل الدولتين ، ويعيد للفلسطينيين حقهم المسلوب ، ومن ثم يعيد للمنطقة أمنها واستقرارها .
وفي دعوة نابعة من الحكمة وبعد النظر ، شدد جلالته على أن النزاعات لا تحل بمنطق القوة ، وإنما بالحوار، وأن على العالم أن ينصت لصوت الاعتدال لا صدى الفوضى .
ان الاجتماع الذي ترأسه جلالة الملك يعد بمثابة محطة سيادية أكدت أن الدولة الأردنية – بعمقها المؤسسي ، ووضوح بوصلتها ، وصلابة قيادتها – ما تزال على العهد ، لا تساوم على الكرامة ، ولا تفرط بثوابتها ، ولا تسمح لأي عابث أن يعبث بجدرانها الصلبة .
هذا هو الأردن كما أراده مليكه ، وطن لا يخترق ، موقف لا يساوم ، وقيادة لا تهادن حين يتصل الأمر بمصالح الدولة وسيادتها وأمنها وكرامة مواطنيها .
حفظ الله الأردن وطنا ومليكا وشعبا.
*
- إعلامي وأكاديمي ومحامي ومستشار قانوني.
- أستاذ القانون المدني المساعد.
Zaid_marashdeh@yahoo.com