الرقيب الدولي -
تُذكّرني هذه الأجواء بما جرى في العام ١٩٨٩، فالمجهول هو العنوان المفتوح، وللتذكير فما جرى في تلك الانتخابات أنّ الأحزاب التي كنّا نظنّها قوية راسخة في تاريخنا السياسي، مثل الشيوعي والبعثي، شهدت خسارات تاريخية!
الكلّ يعرف الأسماء، واحتراماً لذكراها لن نعدّدها، وبالطبع فقد كانت المفاجأة بالفوز الأكبر لحركة الاخوان المسلمين، دون الاعلان المباشر عن انتمائهم التنظيمي، ولكنّ شيخاً اسمه عبد المنعم ابو زنط حصل على أعلى الأصوات على مستوى المملكة، رحمه الله.
كان الشيخ مجهولاً لدى الغالبية الغالبة من الأردنيين، وحتّى صورته لم يعرفوها، ولكنّ الفوز المحقّق أتى، وصار نائباً مشهوداً له بجرأته وتفرّده، ولكنّه في آخر عمره انفصل عن حركته التاريخية، وتلك قصّة أخرى!
في تلك الانتخابات لم نكن وصلنا إلى قانون الصوت الواحد، سيئ الصيت والسمعة، لأنّ مفاصل الدولة أرادت أن تختبر المجتمع، لتعرف توجّهات الناس السياسية والاجتماعية، وهكذا فاز الاخوان المسلمون، ووصلوا إلى رئاسة مجلس النواب، وصار منهم وزراء، بل ومنح جلالة الراحل الحسين الاستاذ الراحل عبد اللطيف عربيات لقب معالي!
أقول إنّ الانتخابات التي ستجري اليوم تذكّرني بتلك الأجواء، حيث المجهول الذي يمكن إعتباره فوضى منظمّة، فلا أحد سيأخذ الاغلبية، ولكنّ المعلوم أنّ هناك حركة ستحصل على الأكثر، والمفاجأة "المتوقعة" أنّه سيكون لها منافسون!
ما يسمّيه الكثيرون بالدولة الأردنية العميقة، نسمّيه نحن بالدولة الأردنية الواعية، التي تختبر مجتمعها، وتتصرّف على أساس النتائج، فالحُكم الحكيم يستند في سياساته إلى توجّهات الناس، وله اعتباراته في مطلق الأحوال.
أقول، أيضاً، كما قال امرؤ القيس:"اليوم خمر وغداً أمر"، ويبقى أنّه مهما كانت النتائج، فهي "فوضى خلاقة ومنظمة"، وللحديث بقية