الرميل مُعين المراشده يكتب: الرجوع عن الخطأ فضيلة.. وإربد تنصف فضل الدلقموني
كتب: مُعين المراشده * -
في مدنٍ عابقةٍ بالتاريخ، كإربد، لا يكون الجمال في شوارعها وحدها، بل في قدرتها على حفظ الذاكرة، والاستجابة لنبض أهلها، والاعتراف بالفضل لأصحابه.
وقبل أيام، ساد شيء من الألم في قلوب أبناء المدينة، وهم يتابعون قرارًا إداريًّا يقضي بإزالة اسم "ميدان فضل الدلقموني"، الاسم الذي لم يُكتب على لافتة فقط، بل في وجدان الناس وتاريخهم المشترك. غير أن ما حدث اليوم، من تراجع بلدية إربد الكبرى عن ذلك القرار، وإعادة تثبيت اسم المرحوم فضل الدلقموني على الميدان، ليس مجرد تعديل إداري، بل موقف يستحق التقدير.
إن الرجوع عن الخطأ، حين يكون في جوهره وفاءً واعترافًا بقيمة الرجال، هو فعل شجاعة لا يُقدِم عليه إلا من يحترم التاريخ ويصون رموزه. وبلدية إربد، إذ تصغي لنبض الشارع وتقرأ مشاعر أبنائه، وتعيد الأمور إلى نصابها، فإنما تؤكد على أن المؤسسات التي تتفاعل مع الرأي العام هي الأكثر رسوخًا في وجدان المواطن، والأقرب إلى نبض الوطن.
المرحوم فضل الدلقموني لم يكن يومًا طالبَ تكريم، لكنه استحقه في حياته وبعد رحيله، بما قدّمه من عطاء نزيهٍ في ظل الدولة الأردنية الحديثة، وبما مثّله من التزام وطني خالص. وحين يُعاد اسمه إلى مكانه الطبيعي، فإننا لا نكرّمه وحده، بل نكرّم كل من سار على نهجه في الإخلاص والنزاهة وخدمة الناس.
نُحيي هذا القرار المسؤول، ونثمّن موقف لجنة التسمية في بلدية إربد الكبرى، كما نشيد بكل من وقف إلى جانب الحق، وطالب بإعادة الاعتبار لرمزٍ وطنيٍّ كبير.
وها هي إربد، تثبت مرة أخرى أنها مدينة لا تنسى أبناءها، ولا تغفل عن تاريخها، وأنها قادرة على مراجعة الذات بشجاعة، لأن الوفاء فيها ليس شعارًا، بل ممارسة حيّة تُسجَّل في أنصع صفحات المدينة.
فشكرًا لكل من جعل الرجوع عن الخطأ فضيلةً يُحتذى بها.
وشكرًا لإربد التي ما زالت تحفظ الجميل، وتكتبه على جبين الزمن.
* ناشر ورئيس هيئة تحرير وكالة "الرقيب الدولي" الإخبارية