الزميل مُعين المراشده يكتب: في حضرة المجد والوفاء.. الجيش الأردني وراية الثورة
كتب: مُعين المراشده * -
في العاشر من حزيران، يقف الأردنيون إجلالًا لذكرى عظيمة تتجسد فيها أسمى معاني الفداء والكرامة، إنها ذكرى الثورة العربية الكبرى ويوم الجيش الأردني، مناسبتان تتعانقان في الوجدان الوطني، وتحملان في طياتهما قصة نهوض أمة وصياغة وطن، وولادة جيش ما يزال وفياً للمبادئ التي نشأ عليها، جيش يعيد في كل عام كتابة صفحات المجد بماء العزة والشرف.
من رحم الثورة العربية الكبرى، بزغ فجر الجيش العربي، حاملاً رسالة التحرر والوحدة، ووارثًا لتلك القيم النبيلة التي أطلق شرارتها الشريف الحسين بن علي، فكان الجيش الأردني منذ لحظة تأسيسه على عهد الملك المؤسس عبد الله الأول، حصن الوطن ودرعه المتين، وسند الدولة الأردنية في مسيرتها نحو البناء والتحديث، وظل هذا الجيش عنوانًا للفداء ومرآة لرجولة الأردنيين وعزتهم.
جيشنا ليس مجرد تشكيل عسكري، بل هو هوية وطنية وروحية تتجلى في كل شبر من تراب الأردن، يحمل شرف الدفاع عن ثرى هذا الوطن، ويزينه سجله الطويل من البطولات، من معركة الكرامة الخالدة إلى ميادين الشرف العربي في فلسطين والجولان، وصولًا إلى ساحات العطاء الإنساني في كل مكان حل فيه باسم الأردن، فكان دوماً رسول خير وسلام.
وتتجلى عظمة هذا الجيش في بنائه المؤسساتي المتين الذي تطور عبر عقود من الرعاية الهاشمية، إذ حظي منذ تأسيسه وحتى اليوم، باهتمام متواصل من الملوك الهاشميين، الذين جعلوا من تحديثه وتجهيزه أولوية وطنية، فجاء عهد جلالة الملك عبدالله الثاني ليشهد قفزة نوعية في قدراته القتالية والتقنية والتنظيمية، وليعزز من مكانته كقوة إقليمية فاعلة وذات بعد دولي.
ولم يكن الدور الوطني للجيش الأردني محصورًا في حدود الدفاع، بل امتد إلى ميادين التنمية والتعليم والصحة، حيث أسهمت القوات المسلحة في إنشاء المدارس والمستشفيات، وتوفير الأمن الغذائي من خلال الأسواق والمشاريع الزراعية، إضافة إلى تطهير الأرض من الألغام، وبناء السدود والحفائر، ما جعل الجيش شريكًا رئيسيًا في التنمية الشاملة والمستدامة.
وعلى الصعيد الإنساني، كانت القوات المسلحة الأردنية ولا تزال ملاذًا للمنكوبين في الكوارث والنزاعات، إذ أسست مستشفيات ميدانية في أكثر من خمس وعشرين دولة، وشهدت غزة مؤخرًا أكبر عمليات الإغاثة التي سيرتها القوات المسلحة، في تجسيد حي للمبادئ النبيلة التي تربت عليها وورثتها من قيم الثورة العربية الكبرى.
نقف في هذه المناسبة الخالدة احترامًا وتقديرًا لكل جندي وضابط، لكل من شد على الزناد حمايةً للوطن، أو أمسك قلماً أو مشرطاً أو أداة بناء خدمةً لشعبه، وللهاشميين الذين لم يفرّطوا يومًا بوصية الثورة ولا براية الجيش، ونقولها بفخر: إن جيشنا العربي هو حارس الكرامة، ورافع لواء المجد، وصانع السلام في زمن تعصف فيه الأزمات.
فليكن يوم الجيش وذكرى الثورة العربية الكبرى مناسبة لتجديد العهد مع الوطن، وشحذ الهمم للمزيد من البذل والعطاء، ولنبق أوفياء لجيشنا الذي لا يعرف التراجع، ولوطننا الذي يستحق منا أن نصونه كما صانه أبطاله، عزيزاً آمناً مستقراً، ترفرف فوقه رايات المجد والحرية.
* ناشر ورئيس هيئة تحرير وكالة "الرقيب الدولي" الإخبارية.