الزميل مُعين المراشده يكتب: عيد الجلوس الملكي السادس والعشرون: عهــد يتجدد ووطن يمضي بثبات
كتب: مُعين المراشده * -
في كل عام، وتحديدًا في التاسع من حزيران، يقف الأردنيون إجلالًا لهذا التاريخ الخالد، الذي يشهد على بدء عهد ملكي مشرق، حين تسلّم جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين سلطاته الدستورية، فانطلقت مسيرة وطنية عنوانها العمل والإخلاص، وغايتها بناء الأردن الحديث على أسس ثابتة وقيم راسخة.
ستة وعشرون عامًا من الجهد المتواصل، والإرادة الصلبة، والعمل الدؤوب، مرّت على هذا العهد الميمون، شهد خلالها الوطن تحولات عميقة في شتى المجالات، وارتقى بمكانته بين الأمم، بفضل قيادة تؤمن بالإنسان الأردني، وتضعه في صلب التنمية.
ما يميز عهد جلالة الملك ليس فقط الإنجازات المحققة، بل أيضًا ذلك النهج المتفرّد في التواصل مع الشعب، فقد رسّخ جلالته، بزياراته الميدانية إلى المحافظات، ثقافة القرب من المواطن، والاستماع إليه، والعمل لأجله، ما عزز من اللحمة الوطنية وروح الانتماء والانخراط في صناعة المستقبل.
ولأن الأردن لا يعيش في عزلة عن التحديات العالمية والإقليمية، فقد انتهج جلالة الملك مسارًا إصلاحيًا متوازنًا، من خلال رؤية واضحة لمسارات التحديث السياسي والاقتصادي والإداري، انطلقت من رحم الواقع، واستشرفت المستقبل بثقة ويقين.
وقد شهد الاقتصاد الأردني خطوات جادة نحو تحقيق النمو، وجذب الاستثمارات، وتمكين الكفاءات، وفتح آفاق الابتكار، وذلك عبر مبادرات نوعية مثل تطوير قطاع الطاقة المتجددة، ودعم الصناعة الوطنية، وتحقيق أمن غذائي مستدام، لتصبح المملكة مركزًا إقليميًا واعدًا في أكثر من مجال.
أما على صعيد السياسة الخارجية، فقد كان صوت الأردن حاضرًا بثبات وكرامة. فالمواقف التي عبر عنها جلالة الملك في المحافل الدولية، ولقاءاته مع قادة العالم، كانت صوت الضمير العربي، ودفاعًا لا يلين عن الحقوق الفلسطينية، ومطالبة دائمة بوقف العدوان على أهلنا في غزة، وإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني.
ولم تكن قضايا الأمة يومًا بعيدة عن أولويات القيادة الهاشمية. فقد بقي الأردن وفياً لرسالته في دعم الأشقاء، ونصرة قضايا العدل والحرية، وتمتين الجبهة الداخلية لتبقى المملكة نموذجًا للاستقرار في محيط ملتهب.
داخليًا، كان الإنسان الأردني هو محور الرؤية الملكية، وهو الغاية والوسيلة في آن. ولذلك، لم تهدأ الجهود في تطوير البنية التحتية، وتحسين مستوى التعليم، والنهوض بالخدمات الصحية، وتحقيق العدالة الاجتماعية، وتوسيع مظلة الحماية للفئات الأقل حظًا.
وكان للشباب النصيب الأوفر من الاهتمام، إذ لم تغب عن جلالة الملك ضرورة تمكينهم، وفتح الأبواب أمام طموحاتهم، وإعدادهم لوظائف المستقبل، إيمانًا منه بأنهم صناع التغيير وحملة راية الغد.
وخلال زياراته إلى مختلف محافظات المملكة، أطلق جلالته سلسلة من المبادرات التنموية التي طالت قطاعات السياحة، والصناعة، والطاقة، والتعليم، والزراعة، ولامست احتياجات الناس، وحفزت المجتمعات المحلية على المشاركة في صناعة التغيير.
إن المتتبع للمشهد الأردني خلال السنوات الماضية يدرك حجم العمل المنجز، والتراكم الإيجابي في مسيرة التنمية، والمضي بثقة نحو المستقبل، رغم التحديات والصعوبات. فالرؤية كانت دائمًا متقدمة، والمبادرة سابقة للحاجة، وهذا ما رسخ الاستقرار والإيمان الشعبي بالنهج.
وبالرغم من كل ما مر به الإقليم من أزمات، بقي الأردن قويًا بثوابته، متمسكًا بدوره، ومتمحورًا حول أولوياته الوطنية دون تفريط، وهو ما أكسب المملكة احترام العالم وثقته.
إن حديث جلالة الملك المتواصل عن أهمية سيادة القانون، وتعزيز مؤسسات الدولة، وبناء نموذج ديمقراطي أردني متدرج ومتوازن، هو تأكيد على التزام ثابت بالنهج الإصلاحي، واستمرار لمسيرة دولة القانون والمؤسسات.
وفي قلب هذه المسيرة، بقيت القوات المسلحة الأردنية والأجهزة الأمنية عنوانًا للهيبة والانضباط والاحتراف، تحظى بثقة القائد، ودعم الدولة، وتقدير الشعب، كدرع حصين يحفظ الوطن، ويصون مكتسباته.
وفي عيد الجلوس الملكي السادس والعشرين، نستذكر هذه المسيرة المشرقة بعين فخر ومحبة، وأجدّد عهدي كأردني بأن أبقى على الخطى، وفي الصف، مؤمنًا بأن أردننا، بقيادته الهاشمية، يمضي نحو المستقبل بخطى راسخة، وروح لا تنكسر، وإرادة لا تُهزم.
* ناشر ورئيس هيئة تحرير وكالة "الرقيب الدولي" الإخبارية.