كثيرا ما ترددت مقولة بعد كورونا ليس ما قبلها ، هذه الجانحة التي أظهرت ضرورة إعادة النظر بخلط قطاعات الدولة لتتناسب والمرحلة القادمة، بعد أن كشفت عن نقاط الضعف والقوة لبعضها ، مما يستدعي الاستجابة لتصريحات رئيس الوزراء عمر الرزاز قبل أيام بضرورة دمج بعض الوزارات والمؤسسات.
هذه الأزمة أظهرت فراغا وحاجة ماسة منذ بداياتها لما كان يسمى وزارة التموين، التي شكلت سابقا ذراعا قويا في سيطرتها على السوق الداخلي، في تحديد ومراقبة تسعيرة الأغذية والفواكة والخضروات، فحد ذلك من تغول التجار عكس ما شاهدناه خلال الأزمة من مخالفات و تلاعب بالأسعار بشكل عام.
هذا يقودنا إلى أهمية أحياء وزارة التموين وبصلاحيات تفرض هيبة الدولة في الإطلاع على المخزون الاستراتيجي من المواد الغذائية والأساسية كالقمح وغيره، و تسعيرة الأدوية و النفط أيضا ، واضعة حدا لكل من يعبث بالأمن المعيشي بأشكاله المختلفة، والحد من الجشع الذي عاشه الاردنيون منذ سنوات، فجاءت الأزمة لتثبت ان وزارة الصناعة والتجارة والعمل والزراعة غير قادرة على ضبط السوق المحلي، لعدم تقاطع عمل هذه الوزارات الثلاثة بما كانت تعمل به وزارة التموين سابقا.
في المقابل غابت الرؤى والأفكار عن وزارة الشباب التي طالما عملت بجد لتأسيس جيل قادر على مواجهة التحديات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية،. فلم تقدم للأسف خلال الجانحة الا عرضا خجولا لبرامج سابقة تعنى بالتوعية والتثقيف ، واثبتت الجانحة ان صلب عمل وزارة الشباب هو ما قامت به وزارة الثقافة لتقود مشهد استثمار الأزمة وتحويلها إلى فرصة، طارحة برنامجا لم يكن بالحساب ضمن خططها فكان " موهبتي من بيتي" برنامجا وملجأ لتفريغ طاقات ومهارات الشباب أثناء الأزمة.
هاتان الوزارتان لطالما تم دمجهما شكليا في حكومات سابقة،اقتصرت عل حمل وزير لحقيبتين فقط، لكن
الرؤية المطلوبة الآن للدمج يجب أن تكون حقيقية و عميقة تشمل الكوادر والنظام الإداري و الخطط والبرامج، وتضم تحت مضلتها المراكز والبيوت والمعسكرات الشبابية والمرافق الثقافية، باعتبار ان هدفهما واحد وهو إعداد الإنسان وصقل مهاراته وتثقيفه.
ولا يغيب عن المطلع بأن معظم دول العالم افسحت للرياضة وزارة تعنى بشؤنها، وتقوم باعداد استراتيجية واضحة لتطوير الحركة الرياضية، و يندرج تحت مظلتها المدن والمجمعات والأندية الرياضية، و تشرف على المراكز الرياضية الخاصة، وليس للجنة الأولمبية، بكون الأخيرة هيئة أهلية، ان ينطوي تحت مظلتها المراكز الرياضية التي تحتاج إلى تراخيص رسمية.
أما الحقائب الوزارية والتي لا تعنى بوزارات قائمة، كحقيبة وزير الدولة للشؤون البرلمانية، ووزير دولة لشؤون رئاسة الوزراء وعلى هذه الشاكلة يجب إلغائها من التشكيلات الحكومية القادمة.
كما أظهرت الجائحة بأن هناك هيئات مستقلة اخذت دور وزاراتها الأصلية في العمل، على سبيل المثال لا الحصر هيئة تنظيم قطاع الإتصالات، بدل وزارة الاتصالات، وهيئة تنظيم قطاع النقل بدل وزارة النقل، والأولى ان تقوم الوزارات بهذه المهمة، بكونها هي من تتحمل المسؤولية بنهاية المطاف.