كتب: علي الشريف * -
انشغلت الحكومة وعلى مدار الاسابيع الأربعة الاولى من اضراب المعلمين بمحاولات اقناع الشعب والمتعاطفين مع المعلمين باخونة نقابة المعلمين، فاستخدمت بذلك كل صنوف اسلحتها واذرعها من اعلام وسحيجة ومطبلين ورديحة وموظفين يستقوى عليهم بلقمة العيش واصحاب مراكز ورسائل الكترونية ويافطات تحث على عودة الطلاب حتى وصلت الى مشجعي الاندية الرياضية ولم تفلح.
الحكومة لم تستطع قراءة المشهد منذ اللحظة الاولى وربما ان من يقرا لها المشهد على الارض رجل امي لا يفقه شيئا مما يدور حوله او انه متامر على مستقبل الاردن فكانت تعتمد على مشاهدات وهمية وتبني عليها بل كانت تجاهد لان تهرب من نكساتها المتلاحقة حتى وصلت الى مرحلة التخبط الفعلي في كل شيء وكلما كانت تراهن على اولياء الامور كانت تخسر قبل ان تبدا.
القصة بما فيها ان حكومتنا الرشيدة لم تستطع ان تفهم ان كل هذا الحراك العاطفي والتجاوب الشعبي مع نقابة المعلمين واضرابهم ليس بالضرورة ان يكون تعاطفا للمطالبة بحقوق المعلمين ، وانما كان بغالبه كرها بالحكومة وقراراتها وما زاد الطين بله ان الرشيدة فاقمت الامور برفع اسعار المحروقات لتزداد حدة التعاطف ويصبح اكبر لو كان على مستقبل الطلاب .
وربما لا كل هذا التعاطف بات يرسخ لمبدا جديد في الاردن يتجه لمستقبل مختلف يبدا من صلابة الموقف وعدم التعامل مع التوافه من الامور والاتجاه نحو الصمود .
السلاح الذي استخدمته الحكومة لمواجهة حراك المعلمين هو سلاح منتهي الصلاحية (فشك فاضي) فمحاولات شيطنة النقابة دائما ومحاولات صبغها بانها اخوانية كما يحدث عند البعض زاد من رقعة الاهتمام الشعبي بالإخوان المسلمين بل ان الحكومة روجتهم بانهم هم المدافعين عن حقوق الشعب دون ان تدري فعاد الاخوان وبكل قوة الى واجهة العمل من بوابة حكومة لا تدرك ماذا تفعل .
ربما يكون نائب النقيب إخواني وهذا ليس جرما يستحق كل هذا العداء فالإخوان وعلى مر تاريخهم كانوا شركاء في صياغة القرار الوطني .. ويوما ما كانوا الكتلة الاكبر في البرلمان والاهم كان منهم رئيس مجلس النواب ومنهم من تسلموا وزراء ورؤساء بلديات ومراكز عديدة فلم نرى منهم ما يضر المسيرة الوطنية .
وان كان نائب النقيب إخواني فماذا عن المعلمين واولياء الامور والطلاب والمتعاطفين والذين رفضوا كل طلب للحكومة واصروا اصرارا غريبا ان يكونوا رهن اشارة النقابة وينتظرون ان يصدر الامر بفك الاضراب من النقابة وليس من الحكومة .مما يعني ان لا ثقة بين الجميع وبين الحكومة المستهترة بإرادة الناس.
واذا اعتبرنا ان الانتماء لجماعة الاخوان جرما فكان على الحكومة ان تنظر الى 150 الف معلم لا ينتمون بغالبهم الى تيارات سياسية ومنهم نسبة ليست بالسهلة من الاخوة المسيحين ومنهم من ليس على قناعة بايدلوجية الاخوان وكلهم خلف النقابة فلماذا كان التعميم.
كان يمكن للحكومة ان تقنع الشعب بالمنطق والعقل وليس بالعداء حتى انها اعتبرت ان كل من يقف مع المعلم يهدف الى الاضرار بالوطن متناسية ان الوطن غارق بالضرر من بدايات اول عطاء وليس انتهاء باخر هيئة مستقلة .
كان يمكن للحكومة ان لا تتحدى شعبا بإرادته وان تلتقط الرسائل من الخطوة الاولى واول الرسائل كانت ان الشعب ما عاد يثق لا بوزير ولا بمسؤول سابق ولا لاحق ولا سحيج لذا كان عليها ان تعيد صناعة الثقة وتبدا .
وكان يمكن للحكومة ان تبدل اسلحتها وتحدثها وتطور خطابها الاعلامي بدل سياسة الردح وقصة (الاشتباك) التي كنا نراها وكانت تنعكس وبالا على حكومة لم تقتنع بعد ان الاعلام التافه ولا المسرحيات الهزلية لا يمكن ان تصنع وطنا او حلا.
لا انكر ان هناك من حاول ان يركب موجه الاضراب كالعادة ليصفي حسابات مع غيره او ليكسر هيبة الدولة او ليصنع لنفسه برستيجا او ليمتطي كرسي لكنهم كانوا قلة في وجه مد شعبي غير مسبوق .
ايتها الحكومة حين يقف مليون ونصف ولي امر الى جانب نقابة المعلمين ويقف 99% من الشعب خلفهم حتى لو ضاع مستقبل ابنائهم فاعلموا ان الامر جلل ... واعلموا ان كل سلاح بين يديكم لن يقوى على ارادة الناس مهما كان فكيف اذا كان السلاح منتهي الصلاحية بيد من لا يحسن استخدامه وسلامتكم.
اخيرا الى الدكتور عمر الرزاز ..... الامر جلل وهذا حقيقة والدليل انه لم يخرج اي رئيس وزراء ليتكلم في امر المعلمين لانهم يدركون التبعيات ..فالكل له حساباته وقياساته قبل ان يغوص في الوحل ..اما حكومتك فينطبق عليها القول ... غاص قبل القياس فانكسر راسه فهل التقطتم الرسالة؟
* خاص ب "الرقيب الدولي"