نادر قديسات يكتب: الاردن وفلسطين .. الولادة من الخاصرة
كتب : نادر قديسات -
كان من الممكن أن نفكر قبل طوفان الأقصى بأبعاد سياسية مختلفة فثمة فريق يدعم حماس والآخر ينتقدها وعلى العكس تماما فريق يؤيد السلطة الفلسطينية والآخر ينتقد مواقفها.
هذا التباين وان كان نسبيا فانه يوجب علينا الآن وفي هذه المرحلة الخطيرة والمركبة التي نشهد فيها عدوانا لا يفرق بين الانتماءات والولاءات ولا حتى البشر والحجر أن ننحي الصراعات السياسيه والحسابات الدبلوماسية جانبا ونركز كشعوب ومجتمعات بأن نتحد وننقي صفوفنا من شوائبنا (المتصهينين العرب) ندعو، نقاطع، نحشد، نقاتل، نتعلم من أخطائنا والأهم من ذلك أن نمتلك ما نحن بحاجته فعليا مياهنا وكهربائنا وطعامنا وحتى مشروباتنا الغازية ذات الجودة العالية التي تلبي حاجات السوق الأردني والأسواق العربية.
هل قاطعنا الشركات المنتجة للسلع ذات الجودة العالية واكتفينا؟
ماذا بعد؟ لماذا لا نكون رواد المنطقة في صناعة منتج ذي جودة عالية، الأرض موجودة، واليد العاملة موجودة والمستثمرين المحليين موجودين، والخبراء الاردنين موجودين وعلى ذلك فلنقس كافة احتياجات المملكة وننتجها لنا وللعرب.. ندعم اقتصادنا نحاول القضاء على متلازمة الفقر والبطالة الملازمة للمواطن الأردني في حياته
والأهم أننا ننتج، والأهم أننا نقاطع ونحن اذ نقاطع من اجل فلسطين فنحن بطبيعة الحال نقاطع لأجل الأردن.
فاقتصاد أقوى ومصانع تعمل، يد أردنيه تنتج، مساحات تستغل بحكمه، بقعا خضراء تزرع هو السلاح الذي يمنحنا القوة والتاثير مقابل عدم التاثر بالازمات على نحو كبير ما يضعف ويحدد قرارنا ويعطينا دورا اكبر واكثر فعالية بانتاج الحلول.
هذه ألازمه كفيله بتعليمنا درسا بأنه لا نستطيع الاعتماد على أي دوله في العالم والأهم من ذلك أن نعلم بأننا سندفع ثمن وقوفنا مع غزه كما دفعنا الثمن سابقا بوقوفنا بجانب بغداد ما يحتم علينا التحوط مسبقا لردات الفعل.
ولما كانت الفرص تولد من الخاصرة ومن رحم التحديات والمعاناة فإن ما يجري على الأرض الفلسطينية وما ترجمه الأردن من مواقف وإجراءات شجاعة تدلل على أن الأردن بمقدوره أن يحول التحديات إلى فرص قابله للحياة كما كان على الدوام فالاعتماد على الذات أصبح ضرورة وليس ترفا أو مجرد شعارات أو مشاريع لم تغادر سياقها النظري فاليوم العض على النواجذ وربط الصخور على البطون ومراجعة شاملة لأنماطنا الاستهلاكية والحد من النفقات على الصعيدين الشعبي والحكومي هي خيارنا الأقوى لمواجهة السيناريوهات المحتملة وغير المحتمله لما بعد الطوفان.
جميعنا نعلم بأن أردن أقوى يعني فلسطين أقوى وانه من أجل تحرير القدس يجب أن تكون عمان قوية.
شاهدنا الأردن يقود الموقف ويحمل هم القضية وهو مكشوف الظهر والجوانب ودون غطاء عربي حقيقي يستطيع الأردن أن يحتمي به ولكن رغم هذا شاهدنا قطعا للعلاقات وتسلسل تصاعدي في الموقف الأردني بتراتبية مع سياق الأحداث في غزه وان ما شهدناه من تقارب في الموقفين الرسمي والشعبي في الأردن ما هو إلا دلاله على أن فلسطين لم ولن تبقى وحيدة فعمان والقدس وجهان لعملة واحدة.
وإذا كان البعض منا يعتقد أن الاردن يستطيع تقديم الاكثر ولم يقدمه فأنه ليس من باب الانتقاص من موقفنا المشرف وانما شعورا يلازم كل مواطن منا على أنه مهما قدمنا فأننا نبقى مقصرين بنظر انفسنا وانه يجب ان نقدم المزيد والمزيد فدائا لمسرى الرسول الكريم.
إن الموقف الرسمي الأردني أوضح للشعب الأردني وشعوب وحكومات العالم على مدى علو كعب الأردن في المنطقة وأنها الداعي الحقيقي للسلام والداعم للعرب وقضاياهم وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.
وكأن لسان حال جلالة الملك اليوم يقول بأن قضية جدي البارحة لن تصبح حملا على ظهري اليوم وأنه لسلام خادع الذي دونه سلامة الفلسطينيين.
إن الموقف الرسمي الذي يقوده جلالة الملك اليوم وولي عهده الأمين ودبلوماسية وحكمة رغدان ترجمت لكل لغات العالم وأوضحت زيف الادعاءات الصهيونية الكاذبة وقدمت عدالة القضية الفلسطينية بخطاب مستنير يشخص الواقع ويستشرف المستقبل والحلول..