المراشده يكتب: الأردن... الثبات في زمن التحديات وقيادة تحمل راية الحق
بقلم: الدكتور شكري المراشده - رئيس هيئة مديري جامعة جدارا ومديرها العام
في زمنٍ تتقاذفه الأزمات وتتصارع فيه المصالح، ينهض الأردن بقيادة جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين، نموذجًا استثنائيًا في الثبات على المبدأ والالتزام بالقيم العربية والإسلامية الأصيلة. لقد اختار الأردن منذ بداياته أن يكون في صفّ الأمة، لا على هامشها، وأن يرفع لواء العدالة والدفاع عن القضية الفلسطينية باعتبارها جوهر الأمن العربي ومركز الضمير الإنساني.
لقد تجلت حكمة القيادة الأردنية في رفض كل المشاريع التي تمسّ بالقدس وهويتها، وفي مقدمتها ما عُرف بـ"صفقة القرن"، حيث عبّر جلالة الملك بوضوح وشجاعة عن موقف لا لبس فيه: لا سلام بلا عدالة، ولا عدالة بلا دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. لم يكن ذلك الموقف شعارًا سياسيًا، بل تعبيرًا عن إيمان راسخ بأنّ فلسطين هي عنوان الكرامة العربية ومفتاح الاستقرار في المنطقة.
ولأنّ المواقف العظيمة تُترجم بالأفعال، كان الأردن سبّاقًا في أداء دوره الإنساني تجاه الشعب الفلسطيني، فمدّ يد العون إلى غزة الجريحة، وأرسل مستشفياته الميدانية لتكون شاهدة على تلاحم الدم والمصير بين الشعبين الشقيقين. لم يكن ذلك دعمًا عابرًا، بل تأكيدًا على أنّ التضامن الأردني الفلسطيني ليس خيارًا مرحليًا، بل هو قدرٌ وتاريخٌ مشترك.
وفي وجه محاولات التهجير أو المساس بالثوابت، كان صوت جلالة الملك الأعلى في العالم العربي والدولي، مذكّرًا الجميع بأنّ الأردن لا يقبل أن يكون جزءًا من أي مشروع يتجاوز حق الفلسطينيين أو يهدد أمن الأمة. ومن هذا الموقف الشجاع، ترسّخت صورة الأردن كدولة ثابتة الموقف، متوازنة في سياساتها، لا تنحني أمام الضغوط، ولا تساوم على الحق.
إنّ القيادة الهاشمية، التي حملت راية القدس منذ فجر التاريخ، تواصل اليوم رسالتها النبيلة في الدفاع عن المقدسات، مستندة إلى إرث ديني وتاريخي عريق، وإلى شعبٍ واعٍ يقف خلف قيادته صفًا واحدًا.
هكذا يواصل الأردن، بقيادته الرشيدة، كتابة فصولٍ جديدة من العزّ الوطني والعروبة الأصيلة، مؤكدًا أن السيادة لا تُقاس بالقوة العسكرية فحسب، بل بثبات الموقف، ونبل الرسالة، وعمق الانتماء. وسيبقى جلالة الملك عبد الله الثاني رمز الحكمة والاتزان، وقائدًا يُجسّد إرادة الأمة في وجه التحديات، وحارسًا أمينًا لبوابة القدس وقضيتها العادلة.