وصفي التل... مدرسة في الوطنية والقيادة
بقلم: الدكتور شكري المراشده (رئيس هيئة المديرين لجامعة جدارا)
تمر ذكرى استشهاد وصفي التل، لتعيد إلى ذاكرة الوطن صفحة من أنبل صفحاته، وتستحضر رجلاً شكلت مواقفه مدرسة في القيادة، وملحمة في الإخلاص والانتماء للأردن والأمة.
لم يكن وصفي التل مجرد رئيس وزراء أو رجل دولة؛ بل كان مشروع نهضة، وصوت ضمير الأمة في أزمنة كانت تحتاج إلى الرجال لا إلى الشعارات. عاش للأردن ومن أجله، وجعل من الكلمة موقفًا، ومن القرار مسؤولية، ومن الوطن عقيدةً لا تتبدل.
آمن الشهيد بأن قوة الدولة تنبع من وعي أبنائها، وأن العدالة والنزاهة ليستا ترفًا سياسيًا، بل قاعدة راسخة لحماية الكيان الأردني وتعزيز مناعته. في كل خطوة من حياته كان يرى في المواطن محور التنمية وغاية الإصلاح، فقاد مسيرة البناء بحكمة القائد وإصرار المجاهد.
لقد كان وصفي التل وفيًّا لنهج الهاشميين في القيادة والعمل الوطني، مؤمنًا بأن الأردن يستمد قوته وثباته من قيادته الهاشمية الحكيمة التي جعلت من الإنسان محور اهتمامها، ومن الوطن رسالة سامية في العطاء والاعتدال. سار على خطى الملوك الهاشميين الذين حملوا لواء النهضة والبناء، فكان وفاؤه لهم امتدادًا لإيمانه العميق بأن العرش الهاشمي هو صمام الأمان وضمانة الاستقرار.
إننا اليوم، ونحن نترحم على وصفي التل، نستذكر رجلاً جسّد معنى التضحية، وآمن بأن الأردن وطن لا يُشبه سواه، وأن سيادته وكرامته فوق كل اعتبار. لقد ترك وصفي إرثًا وطنيًا خالدًا، وأثبت أن الرجال العظماء يرحلون بأجسادهم، لكن سيرتهم تبقى حية في ذاكرة الوطن، تتناقلها الأجيال فخرًا واعتزازًا.
وصفي التل لم يرحل من وجداننا، فهو في كل موقف وطني صادق، وفي كل يد تبني، وفي كل فكر يسعى للارتقاء بهذا الوطن العزيز. رحم الله الشهيد الذي خط بدمه ملحمة الوفاء للأرض والعرش، وبقي رمزًا خالدًا للثبات على المبدأ والإخلاص في خدمة الأردن.