مباحثات جلالة الملك مع الرئيس عون : مواقف ثابتة ورؤية استراتيجية لتعزيز الاستقرار الإقليمي
الرقيب الدولي - عمان - خاص - كتبه : صقر المرشدي :
في إطار مباحثات اليوم الثلاثاء بين جلالة الملك عبدالله الثاني والرئيس اللبناني العماد جوزاف عون، أظهرت مواقف جلالة الملك عمق الفهم الاستراتيجي للأزمات التي تعصف بالمنطقة، وعكست رؤيته الثابتة في تعزيز الاستقرار وتحقيق السلام العادل.
وفي هذا السياق، تناولت المباحثات عدداً من القضايا الجوهرية التي تعكس اهتمام جلالته بالواقع الإقليمي، حيث أبرزت مواقفه الثابتة من القضايا الفلسطينية، وحرصه على دعم لبنان في مسيرته السياسية والأمنية.
وكان أبرز ما تم التركيز عليه في اللقاء هو التأكيد على ضرورة أن تبقى المنطقة مستقرة وآمنة، وهي قناعة راسخة في رؤية جلالة الملك عبدالله الثاني.
وأكد جلالته على أهمية تعزيز العلاقات الثنائية بين الأردن ولبنان بما يخدم المصالح المشتركة، مُشدداً على ضرورة استمرار البناء على هذه العلاقات في كافة المجالات.
وجاء هذا التأكيد ليعكس إيمان جلالته بأن الاستقرار لا يمكن أن يتحقق في المنطقة إلا من خلال تعزيز التعاون العربي الداخلي، سواء على المستوى الاقتصادي أو السياسي.
وفي هذا السياق، أكد جلالته على أهمية زيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين، وتوسيع آفاق التعاون في مجالات حيوية مثل الطاقة والكهرباء والبنية التحتية، مشيراً إلى أن هذه المجالات تشكل دعائم أساسية للاستقرار الاقتصادي، الذي ينعكس بدوره على الاستقرار الأمني والسياسي في المنطقة.
ومن النقاط الجوهرية التي أبرزها جلالة الملك عبدالله الثاني خلال المباحثات هي دعمه الكامل للبنان في مواجهة التحديات الداخلية.
كما شدد جلالته على موقف الأردن الثابت في الوقوف إلى جانب لبنان في مساعيه لحفظ سيادته واستقراره، وهو موقف يعكس العمق التاريخي للعلاقات بين البلدين.
ومن خلال هذا التأكيد، أعاد جلالته التأكيد على أن استقرار لبنان هو جزء لا يتجزأ من استقرار المنطقة ككل.
كما أكد جلالته على أهمية العمل العربي المشترك للحفاظ على أمن لبنان، وهو ما يبرز الدور الأردني القيادي في تعزيز هذه الاستراتيجية الإقليمية.
كما جاء تأكيد جلالته على وحدة الأراضي اللبنانية والسيادة الكاملة للبنان ليعكس بوضوح التزام المملكة الأردنية بالوقوف إلى جانب لبنان في مختلف الأوقات، خاصة في ظل الظروف الصعبة التي يمر بها البلد الشقيق.
ولا يمكن الحديث عن مواقف جلالة الملك عبدالله الثاني في هذا اللقاء دون تسليط الضوء على موقفه الثابت والراسخ حيال القضية الفلسطينية.
فقد أكد جلالته بشكل قاطع على رفض أي مخططات لتهجير الفلسطينيين أو المساس بحقوقهم في الأرض والمقدسات.
وكان حديث جلالته عن القضية الفلسطينية واضحاً وصريحاً، حيث شدد على أن الأردن لن يتراجع عن دعم حقوق الشعب الفلسطيني في الحصول على دولتهم المستقلة على حدود عام 1967، مع القدس الشرقية عاصمتها.
إلى جانب ذلك، كان جلالته من أبرز المدافعين عن ضرورة التوصل إلى حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية عبر حل الدولتين، وهو الموقف الذي يشكل أساساً لسياسة المملكة الأردنية تجاه هذه القضية.
وفيما يتعلق بالتصعيد العسكري في الضفة الغربية والهجمات على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، كان جلالته قد أشار إلى خطورة هذا التصعيد على الأمن الإقليمي والاستقرار في المنطقة، محذراً من العواقب الوخيمة التي قد تنجم عنه.
رؤية جلالة الملك عبدالله الثاني لم تتوقف عند حدود الدعم الفلسطيني، بل امتدت لتشمل التأكيد على ضرورة تكثيف الجهود العربية والدولية من أجل التوصل إلى السلام العادل.
و كان جلالته قد دعا إلى تنسيق عربي أكثر فعالية في مواجهة التحديات التي تشهدها المنطقة، وخاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية وأزمات المنطقة الأخرى.
ومن خلال هذا الموقف، يظهر جلالة الملك قناعته بأن لا بديل عن التعاون العربي والدولي الجاد لإنهاء الأزمات التي تؤرق المنطقة وتحقيق الأمن والسلام الدائمين.
ومن الملفات الإقليمية الأخرى التي تناولها جلالة الملك في اللقاء كانت الأوضاع في سوريا، حيث شدد جلالته على أهمية الحفاظ على الأمن والاستقرار في سوريا، وهو الأمر الذي يساهم في تسهيل عودة اللاجئين السوريين بشكل طوعي وآمن إلى وطنهم.
وهنا، أشار جلالته إلى أن الحل السياسي هو السبيل الوحيد لإنهاء الأزمة السورية، وهو موقف ينسجم مع سياسة المملكة الأردنية التي تدعو إلى الحلول السلمية والديبلوماسية في معالجة الأزمات الإقليمية.
في خلاصة المباحثات، يمكن القول إن جلالة الملك عبدالله الثاني قد طرح رؤية استراتيجية شاملة تجاه التحديات الإقليمية، حيث كان التركيز على تعزيز الاستقرار السياسي والأمني في المنطقة، من خلال الدعم الكامل للبنان، والمواقف الثابتة تجاه القضية الفلسطينية، والتأكيد على ضرورة التنسيق العربي والدولي لحل الأزمات الإقليمية.
جلالة الملك قدّم رؤية حكيمة تجاه القضايا الشائكة في المنطقة، من خلال مواقف واضحة تدعو إلى السلام، وتؤكد على الدور المحوري الذي يلعبه الأردن في تعزيز التعاون العربي لتحقيق الأمن والاستقرار الشامل.
وهذه المباحثات لا تقتصر على كونها لقاءً دبلوماسيًا فحسب، بل تمثل خطوة مهمة نحو تعزيز رؤية استراتيجية تضمن للمنطقة الاستقرار والتنمية، استنادًا إلى مبادئ العدالة والسلام المشترك.