شاهد بالصور .. المراشده يرعى حفل الإفطار السنوي لنادي سمو الأمير علي للصُم في إربد مندوبا عن الملك وولي العهد.... العيسوي يقدم واجب العزاء لعشيرتي الحياري والنسور ارتفاع الإيرادات المحلية العام الماضي إلى 8.432 مليارات دينار نمو صادرات الأسمدة والألبسة في كانون الثاني مندوبا عن جلالة الملك وسمو ولي العهد.. العيسوي يشارك في تشييع جثمان مدير المخابرات الأسبق طارق علاء الدين اللواء المعايطة يفتتح مركزي دفاع مدني شهداء البحر الميت والشونة الجنوبية ونقطة شرطة جسر الملك حسين اليرموك: مجلس مركز الأميرة بسمة لدراسات المرأة الأردنية يعقد اجتماعه الأول الشؤون الفلسطينية تقدم عشرة الآلف دينار للهيئة الخيرية الهاشمية تبرعا لغزة عملية جراحية نوعية في مستشفى الملك المؤسس الأمانة تطلق مسابقة "الطلبة يعيدون ابتكار المدن" إصابات خلال اقتحام الاحتلال لمخيم قلنديا شمال شرق القدس المحتلة المحكمة الدستورية ترفع للملك تقريرها السنوي للعام 2023 الفايز ينعى العين الأسبق طارق علاء الدين وزير الخارجية يبحث ونظيره البريطاني جهود التوصل لوقف إطلاق النار بغزة الطالب المحاسنة يظفر بذهبية المركز الأول في المهرجان الدولي للعلوم والتكنولوجيا

القسم : محلي - أخبار الاردن
تاريخ النشر : 06/06/2020 2:04:01 PM
بحث قانوني محكم للدكتورين السلامات والزبون و"الرقيب الدولي" تنشره
بحث قانوني محكم للدكتورين السلامات والزبون و"الرقيب الدولي" تنشره
د.محمد السلامات

الرقيب الدولي - 

نشر الدكتور محمد عساف محمد السلامات والدكتور محمد سعد موسى الزبون بحثا بعنوان التعويض القضائي كجزاء عن المسؤولية المدنية الالكترونية الناشئة عبر الإنترنت دراسة تحليلية مقارنة لدى جامعة الإسكندرية حيث تم اعتماده كبحث مقبول للنظر بعد ان تم تحكيمه بمعرفة احد اساتذة قسم القانون المدني المتخصص في الكلية وسيتم نشره بحسب الإفادة الصادرة عن الجامعة في اقرب عدد يصدرون مجلة العلوم القانونية والاقتصادية للكلية وفقا لقواعد النشر المعمول بها .

وتاليا البحث كما ورد ل "الرقيب الدولي" من الدكتور السلامات الذي أجاز نشره على صفحات موقعنا: 

تحدثنا من خلال هذا البحث عن التعويض القضائى ، وتكلمنا عن تعريف التعويض لغوياً واصطلاحاً وتحدثنا عن أنواع التعويض ورأينا أنها قانوني واتفاقي وقضائي، وتعرضنا لتحديد المحكمة المختصة بنظر النزاع سواء في حالة وجود الاتفاق وكذلك في حالة عدم وجود هذا الاتفاق.

وكذلك أظهرنا تقدير التعويض سواء في حالة المسئولية العقدية، والمسئولية التقصيرية وانتهينا إلى أن التعويض يشمل الضرر المادي والأدبي والمباشر ، والضرر المستقبلي يتم التعويض عنه بشروط. وختمنا بحثنا بمجموعة من النتائج والتوصيات.

التعويض القضائي كجزاء عن المسئولية المدنية الإلكترونية الناشئة عبر الإنترنت0

(( دراسةتحليليةمقارنة))

 

مقدمة عامة : (Introduction )

 إن الحمد لله ، نحمده ونستعينه ، ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادى ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداٌ عبده ورسوله 0 

          أما بعد : 

يتمتع العالم اليوم بثورة المعلومات وباقتناء المعلومة والتعرف على ثقافة الآخرين بسهولة ويسر وهذا في ثوان معدودة عبر شبكة الإنترنت، وهذا التقدم العلمي والتكنولوجي الرهيب الذي تشهده البشرية في العصر الحديث يلقي بظلاله ونتائجه على كافة مناحي الحياة المختلفة بين الأفراد والدول المختلفة ( ) 0

وقد أدى ذلك التطور في مجال الاتصالات والمعلومات إلى التقدم المذهل في وسائل وتقنية الاتصالات الدولية والذي يطلق عليها "شبكة الإنترنت" والتي تستقل بقواعد وأنظمة خاصة فظهر علم المعلوماتية الذي يقوم على ازدهارتقنية البيانات والمعلومات وتغلغها في جميع الأنشطة الحياتية من إنتاجية وخدمية وتجارية وصناعية وغيرها.

وقد أدى ظهور شبكة الإنترنت إلى إنعكاسات هائلة على سرعة وسهولة التواصل عبر الفضائيات والحاسبات الآلية وغيرها، وظهرت فيها بذور الخير للاستفادة من ثمار التواصل والمعرفة، مما أفسح المجال لميلاد وازدهار المعاملات والتجارة الإلكترونية الحديثة، حيث أصبح العالم بمثابة قرية واحدة انهارت فيها كافة وسائل الحجب والحواجز التقليدية بين أقطاره، وارتباط أبنائه بشبكة واحدة يسبح فيها الجميع بحرية أمام غياب السلطة المركزية وضعف الرقابة والتحكم فيها.

وأدى ذلك أيضاٌ إلى ظهور نوازع الشر لاستغلال ذلك التقدم التقني في مجال الإلكترونيات من أجل تحقيق مآرب خاصة (شخصية) على حساب القيم وأخلاقيات وحقوق وحريات الآخرين وأمن وسلامة المجتمع.

مما نتج عنه "التطور التكنولوجي الحديث" وجود صور جديدة للاعتداء على الحياة الخاصة للآخرين من كشف لخصوصياته وأسراره الشخصية.

وإزاء هذه التحديات كان من الواجب ومن الضروري البحث عن الضوابط القانونية التي يعمل في إطارها التطور التكنولوجي وهذا من أجل احتواء مشكلاته وآثاره إذ بدون هذه الضوابط يصبح هذا التقدم العلمي كارثة مروعة على حقوق المواطنين وآمن المجتمع.

ولما كان القانون هو الذي يحكم سلوك الأفراد في المجتمع من خلال تنظيم روابطه وعلاقاته فيما بينهم وبيان حقوقهم والتزاماتهم، وتحديد الثواب والعقاب في حالة الإخلال به وقيام   للمسئولية فى هذه الحالة 0

وبقيام هذه الشبكة العنكبوتية ظهرت المعاملات الإلكترونية التي تتم عبر الشبكة الدولية بين الأطراف المختلفة وفي دول مختلفة ، الأمر الذي أوجب الوصول إلى تحديد القانون الواجب التطبيق والقضاء المختص في حالة المنازعات التي قد تنشأ عن العلاقات التى تنشأ عبرهذه الشبكة. 

وبتلك أصبحت المسئولية المدنية هي السلاح البارز الذي يتصدى به رجل القانون لمواجهة المنازعات الإلكترونية التي تطفوبسبب إستخدام شبكة المعلومات الدولية، وهذا من أجل حماية المضرور من هذه المنازعات، لذا فإنه قد باتت الحاجة ملحة لمواجهة تلك المخاطر والتغيرات التي قد تنشأ عن المعاملات التي تبرم عبر شبكة الإنترنت.

موضوع الدراسة:

كيفية حصول المضرور من المعاملات التي تتم عبر الشبكة العنكبوتية على التعويض الذي يجبر الضرر الذي أصابه، كأثر ناتج عن كافة المعاملات المدنية الإلكترونية المختلفة التي تتم بين أطرافها وبين مقدمي الخدمة الإلكترونية ومستهلكيها وغيرهم التي تبث عبر الإنترنت والتي تسبب ضرراً لأطرافها والغير.

أهمية موضوع الدراسة:

نتيجة لأهمية شبكة الإنترنت ومدى انتشارها السريع في كافة المجالات والمعاملات الإلكترونية الحديثة، مما ترتب عليه ظهور العقود الإلكترونية الحديثة بكافة أشكالها وظهور وسائل حديثة للتعبير عن الإرادة الإلكترونية تختلف عن مثيلاتها التقليدية ( أثناء التعاقد عبر الإنترنت، وقد يحدث أخطاء بسبب انقضاء العقد الإلكتروني. يترتب عليها أضرار للمتعاقد الآخر والغير، مما يؤدي إلى منازعات قانونية بين الأطراف والغير في ظل غياب تنظيم تشريعي منظم وشامل يضم بين جناحيه هذه العقود والتصرفات الإلكترونية الحديثة.

كل هذا من أجل تحديد مدى انطباق أحكام المسئولية المدنية التقليدية سواء العقدية أو التقصيرية على شبكة الإنترنت والغير عن الأضرار التي تصيب المضرور من جراء ذلك، ومدى أهمية إعتبار فيروسات الإنترنت سبباً أجنبياً يقطع علاقة السببية بين الخطأ والضرر في المسئولية المدنية الإلكترونية وكيفية إثبات هذا السبب الأجنبي.

أهداف الدراسة: 

الهدف من هذه الدراسة يرمي إلى الإجتهاد في وضع نظرية عامة نحاول من خلالها وضع تصور يبين وسائل الحماية المدنية للتعاملات الإلكترونية المختلفة التي تتم عبر شبكة المعلومات الدولية، ونوضح من خلالها على سبيل المثال صلاحية تطبيق المادة 163 من القانون المدني المصري() فهل هذه المادة صالحة للتطبيق على كافة المعاملات الإلكترونية التي تسبب ضرراً للغير عن طريق شبكة المعلومات الدولية ؟ .

وسنحاول أيضاٌ جاهدين من خلال هذه الدراسة جمع شتات هذا الموضوع وأبعاده والتنسيق بينه ، وتحديد ملامحه في إطار قانوني متكامل، من أجل تقديم رؤية موجزة وشاملة وهذا من خلال بيان لموقف بعض التشريعات التي عالجت هذا الموضوع وذاك من خلال إلقاء الضوء على التطورات التشريعية التي حدثت لهذه التشريعات، ومواقف القضاء المختلفة، واجتهادات الفقه في هذا الموضوع.

 إشكاليات الدراسة

بسبب وجود تباعد بين أطراف المعاملات الإلكترونية التي تتم من خلال الشبكة العنكبوتية خارج نطاق حدود الدولة الواحدة، واختلاف جنسية المتعاملين في هذه المعاملات الإلكترونية فإنه قد يحدث تنازع في القوانين وينجم عن هذا التنازع الاختلاف في تحديد المحكمة التي من الواجب نظر النزاع الإلكتروني أمامها والتي تتم عن طريق الشبكة العنكبوتية، لذا فإنه ينتج عن هذا صعوبة في تحديد القانون الواجب التطبيق، والجهة القضائية التي من المفترض تختص بنظر هذا النزاع. وكل هذا بسبب غياب إرادة الأطراف والتي لم تتفق على تحديد القانون الواجب التطبيق مسبقاً في النزاعات التي تنشئ بسبب معاملاتهم الإلكترونية.

وينجم عن هذا أيضاً كيفية تحديد المسئولية المدنية ضد المسئول عن الضرر الذي أصاب المضرور وهذا بسبب سهولة محو الدليل، أو العبث فيه في أقل من فيمتو ثانية.

 

 

 

 منهج البحث : 

سنستخدم فى تناول هذا المنهج الوصفى التحليلى و المقارن فمن خلال المنهج الوصفى التحليلى سنقف على مضمون النصوص القانونية التى تضمنت التعويض ، وتحديد المحكمة المختصة بنظر الدعوى الناشءة عنه والمسسببة للضرر 0  كل هذا من أجل التعرف على فلسفة كل قانون من القوانين التى سيتم التعرض لها أثناء الدراسة 0 ومن خلال هذا المنهج كذلك سيتم الوقوف على نقاط الخلاف والأتفاق 0  

خطة الدراسة: 

نستهل دراستنا في هذا البحث من خلال مطلب تمهيدي نبين فيه مفهوم التعويض وأنواعه وفي مطلب أول نناقش فيه القضاء المختص بالمنازعات المدنية الإلكترونية وسنبين فيه الاختصاص الرضائي للمحكمة المختصة في فرع أول، والمحكمة المختصة في حالة غياب الاتفاق في فرع ثان، وفي مطلب ثان سندرس التعويض القضائي كجزاء عن المسئولية المدنية الإلكترونية الناشئة عبر الإنترنت نوضح في الفرع الأول كيفية تقدير التعويض عن المسئولية العقدية عبر الإنترنت، وفي الفرع الثاني نظهر كيفية تقدير التعويض عن المسئولية التقصيرية عبر الإنترنت ثم ننتهي من هذا البحث بخاتمة تشمل النتائج والتوصيات.

مطلب تمهيدي 

مفهوم التعويض وأنواعه

يرتبط المعنى الاصطلاحي للتعويض الوارد في كتب الفقه بمعناه اللغوي، ولتحديد وبيان هذه العلاقة لابد من البحث في كلا المعنيين على حدا، ومن ثم الربط بينهما، ويتفرع التعويض من الناحية القانونية من حيث الطريقة التي يتم فيها تحديد مقداره إلى ثلاثة أنواع، هي: التعويض القضائي، الذي يتولى القاضي أمر تقديره، والتعويض الاتفاقي الذي يحدد مقداره طرفا العقد ويكون للقاضي أحياناً سلطة تعديله، والتعويض القانوني الذي ينفرد المشرع في تحديد مقداره دون أن يكون للمحكمة أو لأطراف العقد في الغالب دور فيه، وسنتحدث عن هذا فى الفرع الأول عن مفهوم التعويض ، وفى الفرع الثانى عن أنواع التعويض 0 

الفرع الأول 

مفهوم التعويض

التعويض لغةً: المعنى اللغوي له، فالأصل اللغوي لكلمة التعويض هو العِوضُ، والعوض معناه البدلُ والخلفُ ويقال (عاضهُ) بكذا وعنه ومنه- عوضاً: أعطاه إياه بدل منذهب منه، فهو عائض().

ومن ذلك أيضاً أن العِوَض يعني البدل، وتعوّض منه، واعتاض: أخذ العوض، وعاضه أصاب منه العوض، وعُضتُ: أصبت عوضاً().

مما تقدم يتبين أن المعنى اللغوي لمصطلح التعويض عند البحث في أصله الثلاثي وهو (العِوض) يأتي بمعنى البدل والخلف بأن يقوم شيء مقام شيء آخر، وعند الربط ما بين المعنى اللغوي للتعويض ومعناه الاصطلاحي تظهر العلاقة بينهما.

أما التعويض اصطلاحاً: فيعرف بأنه عبارة عن مبلغ من النقود، أو أي ترضية من جنس الضرر، يساوي المنفعة التي كان يحصل عليها الدائن لو نفذ المدين التزامه على النحو الذي يقضي به مبدأ حسن النية في التعامل().

ويعرّف كذلك التعويض بأنه: الحق الذي يثبت للدائن نتيجة لإخلال مدينه بتنفيذ التزامه، والذي قد يتخذ شكل النقد أو أية ترضية معادلة للمنفعة التي سينالها الدائن، ولو لم يحصل الإخلال بالالتزام من جانب المدين().

مما سبق يتبين بأنه يوجد علاقة ما بين المعنى اللغوي للتعويض ومعناه الاصطلاحي، ذلك أن معناه اللغوي يشير إلى أنه البدل والخلف ومعناه الاصطلاحي يفيد بأن التعويض يمثل للدائن البديل الذي يحصل عليه ليخلف المال الذي تسبب المدين بفقدانه من الدائن بسبب إخلال المدين بتنفيذ التزامه.

وبعبارة آخرى يعرف التعويض على أنه جزاء المسؤولية عند القول: أن جزاء المسؤولية هو التعويض(). ويستنبط من هذا التعريف بأن التعويض بمثابة عقوبة تقع على الشخص المطالب بأدائه (أي المدين) جزاء له على إخلاله بتنفيذ التزامه، مع أن الغاية من التعويض في المقام الأول تتمثل في محاولة جبر الضرر الذي لحق بالدائن نتيجة لتقصير المدين في تنفيذ ما عليه من التزامات تجاه الدائن.

أما عن تعريف التعويض في القانون فإن المشرعين الأردني والمصري لم يضعا تعريفاً له محدداٌ ، وهذا ما يتماشى مع المنهج التشريعي السليم الذي يتجنب وضع التعريفات للمصطلحات القانونية ويترك ذلك للفقه، لأن من أهم ما يجب أن يتسم به التعريف بأن يكون جامعاً مانعاً، جامعاً لكل عناصر الشيء المعرف ومانعاً من دخول عناصر غريبة عنه، وحسناً فعل المشرع المصرى والأردنى عندما تجنب وضع تعريف محدد لمصطلح التعويض.

فبالرجوع إلى نصوص القانون المدني الأردني رقم (43) لسنة 1976() التي نظمت الأحكام الخاصة بالتعويض في إطار المسؤولية العقدية، يتبين بأنها لم تعرف التعويض وإنما اكتفت ببيان الأحكام الخاصة به من حيث حالات استحقاقه وأنواعه، كما يلاحظ على المشرع الأردني أنه استعمل مصطلحين للدلالة على التعويض، هما، التنفيذ بطريق التعويض ومصطلح الضمان تأثراً بالفقه الإسلامي، وذلك في المواد من (360) وحتى المادة (364) من القانون المذكور ، أما قانون التجارة الأردني رقم (12) لسنة 1966() فقد استعمل المشرع الأردني فيه مصطلح التعويض فقط، حيث جاء في المادة (97) ما يلي: ((إن الموكل الذي يلغي الوكالة وكذلك الوكيل بالعمولة الذي ينكل عن وكالته يلزم بالتعويض إذا وقع الإلغاء أو النكول بدون سبب مشروع)).

وكذلك الحال في القانون المدني المصري رقم (131) لسنة 1948()، إذ أن المشرع المصري لم يضع تعريفاً للتعويض وإنما اكتفى بمعالجة الأحكام الخاصة به بأن حدد أنواعه، وهي التعويض القانوني الذي يحدده القانون، والتعويض القضائي الذي يقدره القاضي، والتعويض الاتفاقي الذي يحدده أطراف العقد وينظمه القانون، ومن نقاط الاختلاف الموجودة بين القانون المدني الأردن والقانون المدني المصري على مستوى الأحكام الخاصة بالتعويض، هو أن القانون المدني المصري قد أخذ بالتعويض عن تأخر المدين في تنفيذ التزامه إذا كان الالتزام المطلوب تنفيذه هو دفع مبلغ من المال وفقاً لما نصت عليه المادة (22) بينما تجاهل القانون المدني الأردني النص على مثل هذا الحكم.

وتمثل المادتان (85 و86) في مجلة الأحكام العدلية مبادئ عامة للتعويض في إطار المسؤوليتين العقدية والتقصيرية، إذ تنص المادة (85) على أن ((الخراج بالضمان)) وتنص المادة (86) على أن ((الأجر والضمان لا يجتمعان))، فمقتضى المادة (85) أنه طالما كان حائز الشيء مسؤولاً عن تعويض مالكه في حال تلف ذلك الشيء أو هلاكه فإن أي منافع لذلك الشيء تكون من حق الحائز، ومثال ذلك لو حاز شخص مركبة بعقد بيع وانتفع بها مدة من الزمن ومن ثم ردها لصاحبها كونها معيبة، فإن م حصل عليه من منفعة نتيجة لاستعماله للمركبة خلال مدة حيازته لها تكون من حقه وغير مطالب بدفع مقابل ذلك لصاحبها طالما أنه مسؤول عنها في حال هلاكها خلال مدة حيازته لها، والمقصود بالخراج هو ما كان غير متولد، وذلك كالمنافع والأجرة، أما الزوائد المتولدة، ومثال ذلك ولد الدابة ولبنها وصوفها وثمر الشجر، فهي لمالك المال وليست للحائز(). 

وكذلك الحال بالنسبة للمادة (86) من المجلة والتي تبين بأن المسؤول عن التعويض لا يكون مطلوباً منه دفع الأجرة للشيء الذي هلك عنده في حال كان قد استعمله قبل هلاكه، وأيضاً لو كان مطلوباً منه دفع الأجرة في حال لم يكن مسؤولاً عن التعويض فإنه يدفع الأجرة دون التعويض، ومثال ذلك ولو استأجر شخص مركبة وهلكت عنده بلا تعدٍ منه، عندئذ لا يكون مسؤولاً سوى عن دفع الأجرة دون تعويض صاحبها عن قيمتها().

ومن المواد التي وردت في مجلة الأحكام العدلية والتي تمثل حكاماً عاماً للتعويض المستحق في إطار المسؤوليتين العقدية والتقصيرية، المادة (91) والتي جاء فيها ((الجواز الشرعي ينافي الضمان)) يفهم من هذه المادة أنه لو فعل شخص ما أجيز له فعله شرعاً ونشأ عن فعله هذا ضرر ما فلا يكون ضامناً للخسارة الناشئة عن ذلك، ومن الأمثلة على ذلك لو حفر إنسان في ملكه بئراً فوقع فيه حيوان مملوك لغيره ومات، فلا يتحمل حافر البئر مسؤولية، لأن تصرف المالك في ملكه غير مقيد بشرط السلامة، أما لو هلك الحيوان في بئر حفره شخص في الطريق العام فإنه ملزم بالتعويض().

وعند البحث في الأحكام الخاصة بالعقود التي نظمتها مجلة الأحكام العدلية يتبين بأنها قد عالجت موضوع التعويض أو الضمان  كما تسميه  من خلال الأحكام التفصيلية الواردة في كل عقد من هذه العقود مع ضرب الأمثلة أحياناً لحالات المسؤولية، ففي موضوع التعويض المستحق في إطار المسؤولية العقدية تنص الماد (771) من المجلة على أنه (( إذا هلك مال شخص عند آخر قضاء فإن كان أخذه بدون إذن المالك يضمنه على كل حال وإن كان أخذه بإذن صاحبه لا يضمن لأنه أمانة في يده ما لم يكن أخذه بصورة سوم الشراء وسمي الثمن فهلك المال لزمه الضمان. مثلاً إذا أخذ شخص إناء بلور من دكان البائع بدون إذنه فوقع في يده بلا قصد أثناء النظر وانكسر لا يلزمه الضمان ولو وقع ذلك الإناء على إناء آخر فانكسر ذلك الإناء لزمه ضمانه فقط وأما الإناء الأول فلا يلزمه ضمانه لأنه أمانة في يده وأما لو قال لصاحب الدكان بكم هذا الإناء فقال له صاحب الدكان بكذا قرشاً خذه فأخذه بيده فوقع على الأرض وانكسر ضمنه ثمنه ...)).

فهذه المادة فرّقت بين التعويض المستحق في المسؤولية العقدية والتعويض المستحق في المسؤولية التقصيرية- مع أن مجلة الأحكام العدلية لم تأخذ بمسمى المسؤولية التقصيرية أو العقدية  عندما ألزمت الغاصب بالتعويض في حال تلف المال المغصوب في يده بغض النظر عن سبب تلف ذلك المال، وبين التعويض المستحق في حال كانت يد الشخص على المال الحائز يد أمانة، ففي حال تلف المال في يد الشخص الذي أخذه على سبيل الأمانة من غير تعدٍ أو تقصير من جهته لا يلزم بالتعويض، أما إذا أخذ المال ليشتريه وتلف في يده بعد تسمية الثمن فإنه ملزم بالتعويض، أي بدفع الثمن كونه في مركز قانوني قريب من مركز المشتري الذي انتقلت إليه ملكية ذلك الشيء.

ومن نصوص المواد التي لها علاقة بالمسؤولية العقدية في مجلة الأحكام العدلية وما يترتب على هذه المسؤولية من تحمل تبعة التعويض، ما ورد عليه النص في المادة (293) والتي جاء فيها ((المبيع إذا هلك في يد البائع قبل أن يقبضه المشتري يكون من مال البائع ولا شيء على المشتري)) وما ورد في المادة (294) والتي تنص على أنه (( إذا هلك المبيع بعد القبض هلك من مال المشتري ولا شيء على البائع)).

من خلال ما سبق عرضه من نصوص مواد ورد النص عليها في مجلة الأحكام العدلية يتبين أن موضوع التعويض المستحق في إطار المسؤولية العقدية تمت معالجته في ثنايا النصوص القانونية التي نظمت العقود على اختلاف مسمياتها مثل عقد البيع وغيره من العقود، ومن الملاحظ أن مجلة الأحكام العدلية استعملت مصطلح الضمان بدلاً من مصطلح التعويض


الفرع الثاني : 

أنواع التعويض

قد يكون التعويض نقدياً وهو الغالب، وقد يكون عينياً، ويكون التعويض نقدياً بقيام المدين بدفع مبلغ من النقود للدائن، أما التعويض العيني فيكون بغير النقود، ويهدف إلى جبر الضرر الذي أصاب الدائن، كما لو أتلف المستأجر العين المؤجرة فإنه يلتزم بإصلاحها وإعادتها إلى الحال التي كانت عليه. فكما أن الأصل في التنفيذ أن يكون عينياً، فكذلك الأصل في التنفيذ بمقابل أي التعويض أن يكون عينياً كلما كان ذلك ممكناً، ويتصور التنفيذ العيني في المسؤولية العقدية في بعض الحالات التي يخل فيها المدين بالتزامه بالامتناع عن عمل()، بينما يغلب الحكم بهذا النوع من التعويض (التعويض العيني) في دعاوى المسؤولية التقصيرية()، ومع ذلك لا يحكم بالتعويض العيني إذا كان ذلك سيلحق ضرراً جسيماً بالمدين يفوق ما هو لاحق بالدائن، ومثال ذلك أن يحكم بالتعويض على من أنشأ بناءاً في أرض غيره دون أن يحكم عليه بإزالته، في حال كانت إزالة البناء سوف تلحق ضرراً جسيماً بمن أنشأه يفوق الضرر اللاحق بصاحب الأرض()، وذلك تطبيقاً لحكم المادة (27) من مجلة الأحكام العدلية، والتي جاء فيها أن ((الضرر الأشد يزال بالضرر الأخف)).

وبما أن الحكم بالتعويض العيني مجاله المسؤولية التقصيرية وحالاته قليلة في إطار المسؤولية العقدية، لذلك سيتم البحث في طرق تقدير التعويض النقدي، حيث تنص المادة (363) من القانون المدني الأردني على أنه ((إذا لم يكن الضمان مقدراً في القانون أو في العقد فالمحكمة تقدره بما يساوي الضرر الواقع فعلاً حين وقوعه))، وتنصكذلك الفقرة (1) من المادة  221من القانون المدني المصري على أنه ((1- إذا لم يكن التعويض مقدراً في العقد أو بنص القانون، فالقاضي هو الذي يقدره، 00000000000000))، بذلك يتبين أن المشرع الأردني وكذلك المصري حدد للتعويض ثلاثة أنواع أو ثلاث طرق لتقدير التعويض الواجب دفعه من المدين جبراً للضرر الذي يلحق بالدائن نتيجة لإخلال المدين بتنفيذ التزامه العقدي، إذ يمكن لإرادة طرفي العقد أن تحدد مقدار التعويض الواجب في حال إخلال أحد طرفيه بأي من الالتزامات المترتبة عليه وهو ما يسمى بالتعويض الاتفاقي، أما النوع الثاني للتعويض فهو الذي يحدده القانون كما هو الحال بالنسبة للفائدة القانونية وللتعويض الذي يحدده قانون العمل، والتعويض القضائي الذي يقدره القاضي بالاعتماد على ما يقدم له من بينات هو النوع الثالث من أنواع التعويض، ومن خلال ذلك سيتم التعرض لكل نوع من أنواع التعويض.

أولاً: التعويض الاتفاقي:

أعطى المشرع لطرفي العقد الحق في تحديد مقدار التعويض المستحق في حال إذا أخل أحد المتعاقدين بأي من الالتزامات المترتبة عليه بموجب العقد، وهذا النوع من التعويض اصطلح على تسميته بالتعويض الاتفاقي، ويعرف بأنه الاتفاق مقدماً، سواء عند إبرام العقد أو في اتفاق لاحق قبل وقوع الضرر على قيمة التعويض  التي تستحق للدائن عند إخلال المدين بالتزام من التزاماته العقدية(). ويعرّف أيضاً التعويض الاتفاقي على أنه الاتفاق بين الدائن والمدين على التقدير مقدماً لقيمة التعويض عند عدم تنفيذ الالتزام عيناً أو التأخير في تنفيذه()، وبكلمات أخرى يعرف التعويض الاتفاقي بأنه اتفاق يقدر فيه الطرفان مقدماً مقدار التعويض الذي يستحقه الدائن إذا لم ينفذ المدين التزامه أو تأخر في تنفيذه وسمي بالشرط الجزائي لأنه يوضع عادة كشرط ضمن شروط العقد الأصلي الذي يستحق التعويض على أساسه(). فرغم أن الفقه استعمل مصطلح الشرط الجزائي إلا أنه انصب اهتمامه في تعريفه على الوظيفة المقصودة منه وهي تحديد مقدار التعويض، وبذلك يكون من الأنسب استعمال مصطلح التعويض الاتفاقي.

وقد أخذ القانون المدني الأردني بهذا النوع من التعويض وذلك في المادة (364)، حيث نصت الفقرة (1) منها على أنه ((1- يجوز للمتعاقدين أن يحددا مقدماً قيمة الضمان بالنص عليها في العقد أو في اتفاق لاحق مع مراعاة أحكام القانون))، وكذلك الحال بالنسبة للقانون المدني المصري() حيث نصت المادة (223) منه على أنه ((يجوز للمتعاقدين أن يحددا مقدماً قيمة التعويض بالنص عليها في العقد أو في اتفاق لاحق، ويراعى في هذه الحالة أحكام المواد 215، 220))، أما بالنسبة لموقف مجلة الأحكام العدلية من التعويض الاتفاقي، يمكن القول بأنها لم تنظمه بالصورة المنظم فيها في كل من القانون المدني الأردني والقانون المدني المصري، فلم تضع له أحكاماً خاصة، ولكن هل يجوز في ظل النصوص الموجودة في مجلة الحكام العدلية الخاصة بالشرط بصورة عامة الاتفاق على التعويض مقدماً قبل وقوع الضرر؟ للإجابة على هذا التساؤل يمكن الاعتماد على ما جاء في المادة (83) من المجلة بأنه ((يلزم مراعاة الشروط بقدر الإمكان)) أي أنه يجب احترام وتنفيذ الشرط المتفق عليه في العقد إذا كان متوافقاً والقانون ولا يخالف مقتضى العقد وكان تنفيذه ممكناً، حيث تقسم هذه المادة الشروط إلى أنواع ثلاثة، جائزة وفاسدة ولغو، والذي يجب مراعاته منها، هي الشروط الجائزة، ومن الأمثلة على الشروط الجائزة التي سيقت في معرض شرح هذه المادة، أنه إذا اشترط الدائن في الدين المقسط بأنه إذا لم يدفع المدين الأقساط في أوقاتها يصبح الدين معجلاً، إذ يجب مراعاة هذا الشرط، فإذا لم يفِ المدين القسط الأول مثلاً عند حلول أجله يصبح الدين جميعه معجلاً(). وقياساً على ذلك وبما أن التعويض الاتفاقي لا يخالف مقتضى العقد فهو اتفاق جازم وملزم بشرط تناسب التعويض مع الضرر وإلا كان للمحكمة تعديله بما يتناسب والضرر الواقع.

وحتى يستحق التعويض الاتفاقي لابد من توفر شروط استحقاقه وهي الخطأ والضرر وعلاقة السببية والإعذار، أما الخطأ فالذي يحدده هو طبيعة الالتزام المتفق عليه في العقد، فإذا كان التزاماً بتحقيق نتيجة فإن عدم تحقق النتيجة يقود إلى افتراض وجود الخطأ في جانب المدين، وكذلك الحال إذا كان التزام المدين بذل عناية، فإن الدائن ملزم بإثبات خطأ المدين المتمثل بعد بذل العناية المطلوبة، ليتحقق بذلك الخطأ العقدي في جانبه، أما الضرر فهو مفترض في ظل وجود التعويض الاتفاقي وهذا ما يستفاد بمفهوم المخالفة لنص الفقرة (1) من المادة (224) من القانون المدني المصري، وكذلك الحال بالنسبة لعلاقة السببية، وعبء نفي وقوع الضرر يقع على عاتق المدين، بينما لم يرد ما يشير لذلك في القانون المدني الأردني، أما الإعذار فقد يتم تفاديه بالنص على استحقاق التعويض دون الحاجة إليه (أي للإعذار).

ومع أن القانون أعطى لإرادة طرفي العقد القدرة على تحديد مقدار التعويض، إلا أنه مع ذلك لم يجعل مثل هذا الاتفاق محصناً وبعيداً عن سلطة القاضي في تعديله، فإذا كان التعويض المتفق عليه سلفاً مساوياً للضرر الواقع عندئذ يبقى التعويض الاتفاقي بعيداً عن سلطة القاضي في تعديله، وهذا ما يستفاد بمفهوم المخالفة لنص الفقرة (2) من المادة (364) من القانون المدني الأردني والتي جاء فيها ((2- ويجوز للمحكمة في جميع الأحوال بناء على طلب أحد الطرفين أن تعدل في هذا الاتفاق بما يجعل التقدير مساوياً للضرر ويقع باطلاً كل اتفاق يخالف ذلك)).

أما القانون المدني المصري فقد أعطى للقاضي سلطة تعديل التعويض الاتفاقي بتخفيضه في حال زيادة مقداره عن الضرر الواقع وفقاً لما نصت عليه الفقرة (2) من المادة (224)، ولكنه لم يعطِ للقاضي سلطة زيادة مقدار التعويض في حال كونه أقل من الضرر الواقع إلا إذا ارتكب المدين غشاً أو خطأ جسيماً، حيث نصت المادة (225) على أنه ((إذا جاوز الضرر قيمة التعويض الاتفاقي فلا يجوز للدائن أن يطالب بأكثر من هذه القيمة إلا إذا أثبت أن المدين قد ارتكب غشاً أو خطأ جسيماً)).

ثانياً: التعويض القانوني:

يتولى القانون أحياناً مسألة تحديد مقدار التعويض الواجب دفعه للدائن في حال أخل المدين بأي من التزاماته العقدية، والتعويض القانوني يكون في إطار المسؤولية العقدية كما هو الحال بالنسبة للفوائد القانونية وكذلك بالنسبة للتعويضات التي يستحقها العامل في حال إخلال صاحب العمل بأي من التزاماته العقدية التي نظمها قانون العمل(). ويكون كذلك في إطار المسؤولية التقصيرية كما هو الحال بالنسبة للتعويض الذي يقدره قانون التأمين للمصاب في حوادث السير، ومن الأمثلة على ذلك ما وردالنص عليه في المادة (156) من قانون التأمين الفلسطيني رقم (20) لسنة 2005() والتي جاء فيها بأنه ((إذا أدى حادث الطرق إلى عدم قدرة المصاب على القيام بعمله فإنه يستحق 100% (مائة بالمائة) من أجره اليومي طيلة مدة عجزه المؤقت على ألا تتجاوز مدة العجز سنتين من تاريخ الحادث))، أي أن القانون هو الذي يحدد أسس احتساب التعويض المستحق دون أن يترك ذلك لإرادة الأطراف، كما هو الحال بالنسبة للتعويض الاتفاقي، ودون أن يعطي للقاضي صلاحية تقدير التعويض كما هو الحال بالنسبة للتعويض القضائي.

ومع أن المشرع الأردني لم يورد في القانون المدني نصاً خاصاً بالفائدة القانونية الواجبة للدائن في حال تأخر المدين في تنفيذ التزامه، انطلاقاً من مبررات قانونية وفقهية، إلا أنه وفي مقابل ذلك نص المشرع الأردني على الحكم الخاص بالتعويض الذي يستحقه الدائن في حال تأخر المدين في تنفيذ التزامه إذا كان الالتزام دفع مبلغ من النقود، وذلك في المادة (167) من قانون أصول المحاكمات المدنية الأردني رقم (24) لسنة 1988() المعدل بالقانون رقم (16) لسنة (2006) ()، دون أن يشترط لاستحقاق هذا التعويض الذي حدده بنسبة (9%) سنوياً أن يثبت الدائن تضرره من التأخر في التنفيذ، فقد نصت هذه المادة على أنه ((1- إذا كان المدين قد تعهد بتأدية مبلغ من النقود في وقت معين وامتنع عن أدائها عند حلول الأجل يحكم عليه بالفائدة دون أن يكلف الدائن إثبات تضرره من عدم الدفع. 2- إذا كان في العقد شرط بشأن الفائدة يحكم بما قضى به الشرط. وإن لم يكن هناك شرط بشأنه فتحسب من تاريخ الإخطار العدلي. وإلا فمن تاريخ المطالبة بها في  لائحة الدعوى أو بالإدعاء الحادث بعد تقديم اللائحة المذكورة. 3- تترتب الفائدة على التعويض والتضمينات التي تحكم بها المحكمة لأحد الخصوم وتحسب من تاريخ إقامة الدعوى. 4- مع مراعاة ما ورد في أي قانون خاص، تحسب الفائدة القانونية بنسبة (9%) سنوياً، ولا يجوز الاتفاق على تجاوز هذه النسبة)). وهذا الموقف التشريعي الذي سلكه المشرع الأردني في تنظيمه للفائدة القانونية موقف منتقد، لأن المكان الطبيعي لتنظيم الفائدة هو القانون المدني وليس قانون أصول المحاكمات باعتباره قانون إجرائي، كما أنه لا يجوز رفض نظام قانوني في قانون والأخذ به في قانون آخر.

أما بالنسبة للقانون المدني المصري فقد نظم الأحكام الخاصة بالتعويض القانوني (الفائدة القانونية) حيث نصت المادة (226) منه على أنه ((إذا كان محل الالتزام مبلغاً من النقود وكان معلوم المقدار وقت الطلب وتأخر المدين في الوفاء به، كان ملزماً بأن يدفع للدائن على سبيل التعويضعن التأخر فوائد قدرها أربعة في المائة في المسائل المدنية وخمسة في المائة في المسائل التجارية. وتسري هذه الفوائد من تاريخ المطالبة القضائية بها، إن لم يحدد الاتفاق أو العرف التجاري تاريخاً آخر لسريانها، وهذا كله ما لم ينص القانون على غيره)).

بذلك يكون المشرع المصري قد أخذ بالتعويض القانوني على خلاف ما عليه الحال في القانون المدني الأردني.

 ثالثاً: التعويض القضائي

في حال عدم اتفاق أطراف العقد على مقدار التعويض الواجب دفعه إذا أخل أي طرف من طرفي العقد بأي من الالتزامات العقدية المترتبة عليه للطرف الآخر، وهو ما اصطلح على تسميته بالتعويض الاتفاقي، وكذلك عند عدم وجود نص في القانون يحدد مقدار التعويض الواجب دفعه، عندئذ يتوجب على القاضي تحديد مقدار التعويض بالاعتماد على الأحكام العامة الواردة في القانون، فالقاضي يقوم بتحديد مقدار التعويض في حال سكوت العقد والقانون عن تقديره()، وهذا ما يستفاد من نص المادة (363) من القانون المدني الأردني  سالفة الذكر- والتي جاء فيها بأنه ((إذا لم يكن الضمان مقدراً في القانون أو في العقد فالمحكمة تقدره بما يساوي الضرر الواقع فعلاً حين وقوعه)).

وكذلك فعل المشرع المصري عندما أعطى القاضي سلطة تحديد مقدار التعويض الواجب دفعه للدائن نتيجة لإخلال المدين بأي من التزاماته العقدية، حيث نصت المادة (221) فقرة (1) على أنه ((إذا لم يكن التعويض مقدراً في العقد أو بنص في القانون، فالقاضي هو الذي يقدره، ويشمل التعويض كل ما لحق الدائن من خسارة وما فاته من كسب ...)).

وعند المقارنة ما بين الحكم الوارد في القانون المدني الأردني الخاص بالتعويض الذي يقدره القاضي (التعويض القضائي) بالاعتماد على ما جاء في المادة (363) منه، وبين الحكم الوارد في القانون المدني المصري بخصوص ذات التعويض الوارد في المادة (221) منه، يتبين بأن القانون المدني الأردني يعوض الدائن عن الخسارة اللاحقة به دون الكسب الفائت()، أما القانون المدني المصري فإنه يعوض عن الخسارة اللاحقة وعن الكسب الفائت. مع أن المشرع الأردني يعوض عن الكسب الفائت في حال المسؤولية التقصيرية، فقد نصت المادة (266) من القانون المدني الأردني على أنه ((يقدر الضمان في جميع الأحوال بقدر ما لحق المضرور من ضرر وما فاته من كسب بشرط أن يكون ذلك نتيجة طبيعية للفعل الضار))، ولذلك يتوجب التمييز بين التعويض المستحق في إطار المسؤولية العقدية، والتعويض المستحق في إطار المسؤولية التقصيرية فيما يخص الكسب الفائت وفقاً لأحكام القانون المدني الأردني،وهذا ما جاء في قرار محكمة التمييز الأردنية رقم (1587/1997) تمييز حقوق().

وحتى يحكم القاضي بالتعويض يجب ابتداء أن يثبت الدائن أن ضرراً قد لحق به نتيجة لإخلال المدين بتنفيذ التزامه العقدي (الخطأ) بعد أن يكون قد أعذره إذا كان الإعذار شرطاً لقيام المسؤولية العقدية()، أي أن الدائن ملزم في حال مطالبته بالتعويض القضائي أن يثبت شروط المسؤولية العقدية من خطأ وضرر وعلاقة سببية بين الخطأ والضرر والإعذار إذا كان له مقتضى، حتى يحكم له بالتعويض، بينما الدائن في حال التعويض الاتفاقي غير مطالب بإثبات الضرر كونه مفترض وكذلك الحال بالنسبة لعلاقة السببية، أي أن الدائن في التعويض الاتفاقي ملزم بإثبات عدم قيام المدين بالتزامه (الخطأ العقدي) فقط دون أن يكون ملزماً بإثبات الضرر أو علاقة السببية. وكذلك الحال بالنسبة للتعويض القانوني، مع الفارق الموجود بينهما- أي بين التعويض الاتفاقي والتعويض القانوني ففي حال التعويض القانوني فإن الضرر مفترض وغير قابل لإثبات العكس من جانب المدين، أما في التعويض الاتفاقي فإن الضرر مفترض ولكن يمكن للمدين نفيه.

 

 

المطلب الأول

القضاء المختص للمنازعات المدنية الإلكترونية

تمهيد:عقد التجارة الالكترونية ذي الطابع الدولي هو عقد تتلاقى فيه عروض السلع والخدمات التي يعبر عنها بالوسائط التكنولوجية المقدرة خصوصاً شبكة المعلومات الدولية الإنترنت من جانب أشخاص متواجدين في دولة أو دول أخرى وذلك بالتفاعل بينهم من أجل إشباع حاجاتهم المتبادلة().

وحسب المجرى الطبيعي للأمور يبرم العقد لكي ينفذ وأن يتم هذا التنفيذ طواعية إلا أن هذا التنفيذ الاختياري قد لا يتحقق كله أو لا يتحقق بصورة مطابقة لشروط العقد.

وحينئذٍ يتعين على الدائن تحريك القوة الملزمة للعقد ليرغم المدين على التنفيذ وتعويضه عما قد يكون لحقه من ضرر بيد أن هذا التنفيذ الجبري يتطلب تدخل السلطة العامة لا سيما السلطة القضائية(). ونظراً لأن النزاع يتسم غالباً بالطابع الدولي أمام عالمية شبكة الإنترنت والطابع الطليق لنشاطها وعولمة وسائل الاتصال وتبادل المعلومات حيث يدخل فيها أشخاص لدول مختلفة(). ونظراً لأن العقود الدولية قد تتضمن في نصوصها تحديد المحكمة المختصة في حالة حدوث نزاع وقد لا تتضمن ذلك.

لذا سوف نوضح ذلك في فرعين على النحو التالي:

الفرع الأول: الاختصاص الرضائي للمحكمة.

الفرع الثاني: المحكمة المختصة في حالة غياب الاتفاق.

الفرع الأول : 

الاختصاص الرضائي للمحكمة

في المعاملات الدولية يجوز لأطراف العقد تحديد السلطة المختصة بنظر نزاع قائم أو محتمل ويتم ذلك بأن يُدرج هذا الشرط في العقد باختصاص محكمة دولة ما بنظر النزاع() وأنه خروجاً على القاعدة العامة في الاختصاص الدولي التي تقضي بأن رفع الدعوى يكون أمام محكمة موطن أو محل إقامة المدعي عليه فإنه يجوز الاتفاق بين الخصوم على تحديد الاختصاص لمحكمة أخرى وهذا ما يطلق عليه مبدأ الخضوع الإرادي أو الاتفاق على الاختصاص في المنازعات ذات الطابع الدولي().

وإعمالاً لهذا المبدأ نصت (المادة 32) من قانون المرافعات المصري على أنه ((تختص محاكم الجمهورية بالفصل في الدعوى ولو لم تكن داخلة في اختصاصها إذا قبل الخصم ولايتها صراحةً أو ضمناً وهذا أيضاً ما أخذت به (المادة 17) من معاهدة بروكسيل السارية في دول الاتحاد الأوروبي.

وكذا ما تنص عليه (المادة 48) من قانون الإجراءات المدنية الفرنسي الجديد على أن: كل شرط يخالف بصورة مباشرة أو غير مباشرة قواعد الاختصاص المكاني تعتبر كأن لم تكن. إلا أن النص استثنى من هذا الحكم العقود التي يكون فيها كل الأطراف تجاراً مع ذلك فإن الرأي السائد في الفقه وفي القضاء الفرنسى يسري عدم إعمال هذا النص في مجال المعاملات الدولية. مع ذلك فقد استبعد المشرع بعض العقود من إمكانية الخضوع الاختياري لقضاء غير مختص وهذا الاتجاه يمليه الرغبة في حماية الطرف الضعيف اقتصادياً كالمستهلك ().

وقد يمكن أن يتم الاتفاق على الاختصاص قبل قيام النزاع أو بعده صراحة في صلب العقد أو في وثيقة مستقلة أو ضمناً كرفع الدعوى أمام محكمة معينة وعدم اعتراض المدعي عليه وعلى من يدعي وجود هذا الاتفاق عبء إثباته بالكتابة العادية وبالمحررات الإلكترونية(). وكذلك أنه يمكن لأطراف التعاقد الاتفاق على محكمة الاختصاص التي تنظر الدعوى المتعلقة بالعقد الدولي سواء كان ذلك الاتفاق صريحاً أو ضمنياً حتى يمكن الحصول على الحماية القضائية المطلوبة().

وأنه يمكن حماية المستهلك بتطبيق قانون أو قاعدة من قانون أكثر حماية للمستهلك أن تكون هي نفسها القانون الذي توقع المستهلك تطبيقه وعادة ما يكون هذا هو القانون المعمول به في الدولة التي يسكنها المستهلك.

الفرع الثاني : 

المحكمة المختصة في حالة غياب الاتفاق 

بين الأطراف في المنازعات الدولية

بما أنه تطبق القواعد العامة للاختصاص القضائي على عقود الاستهلاك في مجال التجارة الإلكترونية ، فمن الصعوبة بمكان الخروج على هذه القواعد وبالتالي ينعقد الاختصاص القضائي بمنازعات هذه العقود لمحكمة موطن أو محل إقامة المدعي عليه أو المحكمة التي تم الاتفاق على اختصاصها أو تنفيذ العقد فى دائرتها (). وتلك القاعدة تم تبنيها في التشريعات المعاصرة التي تحرض على وضع أحكام خاصة لحماية المستهلك وهي قاعدة ملزمة لصالحه وليست ضده(). ومنه التشريع المصري في (المادتين 29، 30) مرافعات مدنية وتجارية().

(المادة 46/2) من القانون الفرنسي، ويجب أن نأخذ في الاعتبار طبيعة العقود التجارية الإلكترونية التي تتم بين حاضرين في الزمان وغائبين في المكان لذلك فالعبرة بالمكان الذي علم فيه الموجب بالقبول ما لم يتفق طرفا العقد أو يوجد نص يقضي بغير ذلك (المادة 97) مدني مصري. وفي هذه العقود على الرغم من وجود الموجب (البائع) في بلد والقابل والمستهلك في بلد آخر إلا أنه يجوز اقتران القبول بالإيجاب في أي لحظة لأن السلعة يتم عرضها على شاشة الكمبيوتر عبر شبكة الإنترنت ومن ثم يجوز اقتران ذلك الوضع بالقبول في أي وقت هذا يمكن القول أيضاً باختصاص محاكم دولة تنفيذ العقد().

وقد يقوم القاضي بتحديد القانون الواجب التطبيق على العقد الدولي إذا لم يكن هناك ثمة اتفاق صريح على هذا القانون من طرفي العقد ولم يستطيع التوصل إلى إرادتهم الضمنية بشأن هذا القانون() وقد يحدد القاضي القانون الواجب التطبيق ، وغالباً ما يكون قانون الدولة التي يكون العقد أكثر صلة بها 

 ومن أهم العناصر التي يعتمد عليها عند تحديدها مكان التعاقد ومكان الأداء، مكان الإقامة أو عمل الأطراف وطبيعة وموضوع العقد().

ورغبة في حماية المستهلك فإن التشريعات الوطنية والاتفاقات الدولية تخرج أحياناً على هذه المبادئ رغبة منهافي توفير أكبر قدر من الحماية لذلك المستهلك. 

فمثلاً يجوز للمستهلك طبقاً لاتفاقية بروكسل 1968م في حالة عدم الاتفاق على المحكمة المختصة أن يرفع دعواه إمام محكمة البلد الذي يوجد فيها محل إقامة أو محكمة موطن المدعي عليه (المستهلك)(). وأن إرادة الأطراف هي الفيصل في الاختصاص فقد يكون هناك قانون هو المختص ويرغب الطرفان في أن تكون محكمة دولة أخرى هي المختصة بالفصل في النزاع وقد تضمنت أحكام قانون المرافعات المدنية والتجارية المصري تنظيم الاختصاص الدولي للمحاكم في (المواد من 28 : 35) منه. بأختصاص المحاكم المصرية  بالدعاوى التي ترفع على المصري ، وذلك مما عدا الدعاوى العقارية المتعلقة بعقار واقع في الخارج().

وأيضاً تختص بنظر الدعاوى التي ترفع على الأجنبي الذي له موطن أو محل إقامة في مصر وذلك فيما عدا الدعاوى العقارية المتعلقة بعقار واقع في الخارج().

وكذا تختص المحاكم المصرية بالفصل في الدعاوى ولو لم تكن داخلة فى اختصاصها طبقاً للمواد السابقة إذا قبلها الخصم صراحة أو ضمناً().

وكذا تختص المحاكم المصرية بالأمر بالإجراءات الوقتية والتحفظية التي تنفذ في مصر ولو كانت غير مختصة بالدعوى الأصلة. وتختص محاكم الجمهورية بنظر الدعاوى التي ترفع على المصري ولو لم يكن له موطن أو محل إقامة في الجمهورية (المادة 28) مرافعات.

 

المطلب الثاني : 

التعويض القضائي كجزاء عن المسئولية المدنية 

الإلكترونية الناشئة عبر الإنترنت

تمهيد: بعد أن انتهينا من تحديد المحكمة المختصة بنظر النزاع فى إثبات المعاملات الإلكترونية لتكون دليل إثبات أمام القاضي المدني، أثناء نظر دعوى التعويض، من أجل حصول المضرور عن التعويض اللازم والمناسب الذي يجبر ما ألم به بسبب الفعل الخاطئ أو الضار الذي وقع().

فننتقل إلى الحق في التعويض أي الحق في إصلاح الضرر كجزاء مترتب منذ استكمال أركان المسئولية المدنية وبصفة خاصة منذ وقوع الضرر، إلا أن هذا الحق لا يتحدد إلا بصدور حكم القاضي فهذا الحكم لا ينشئ الحق بل يكشف عنه ، والحكم وإن لم يكن مصدراً للحق في التعويض إلا أنه له أثراً محسوساً في هذا الحق فهو الذي يحدد عناصره وطبيعته ويجعله مقوماً بالنقد().والتعويض النقدي هو ثمرة الجزاء المترتب عن المسئولية المدنية.

وأكثر طرق التعويض ملائمة لإصلاح الضرر المترتب على العمل غير المشروع هو التعويض النقدى ، وذلك لأنه كثير من حالات الضرر الأدبي يتعذر فيها التعويض العيني فلا يمكن إعادة الحال لسمعة الإنسان وكرامته إلى ما قبل وقوع الضرر إذا نكون أمام استحالة مطلقة فلا يكون أمامنا سوى التعويض بمقابل().

لذا سنوضح أسس تقدير التعويض للمسئولية المدنية الإلكترونية (العقدية والتقصيرية) ذلك من خلال فرعين على النحو التالي:

الفرع الأول: تقدير التعويض عن المسئولية العقدية عبر الإنترنت.

الفرع الثاني: تقدير التعويض عن المسئولية التقصيرية عبر الإنترنت.

الفرع الأول:

تقدير التعويض عن المسئولية العقدية عبر الإنترنت  

 يمكن تعريف الخطأ التقصيرى بأنه إخلال بواجب قانونى عام مقترن بأدراج المخل بهذا الواجب ، وبذلك يقوم الخطأ التقصيرى على عنصرين ، إحداهما مادى أو موضوعى وهو الإخلال بواجب قانونى ، والأخر عنصر نفسى أومعنوى وهو التمييز والأدراك 0

وهو ماتتضمنته (المادة 221/1) مدني مصري "إذا لم يكن التعويض مقدراً في العقد أو بنص في القانون فالقاضي هو الذي يقدره ويشمل التعويض: 1- ما لحق الدائن من خسارة. 

- وما فاته من كسب بشرط أن يكون هذا نتيجة طبيعية لعدم الوفاء بالالتزام أو للتأخير في الوفاء به. ويعتبر الضرر نتيجة طبيعية إذا لم يكن في استطاعة الدائن أن يتوفاه ببذل جهد معقول".

وأن أهمية التعويض في المسئولية العقدية يقتصر على الضرر المباشر المتوقع والمذكور فى العقد الذى يربط بين الطرفين ، وأن هذا الضرر وقع بسبب إخلال أحد التعاقدين بالألتزامات الواجبه عليه ) ،  إلا في حالتي الغش والخطأ الجسيم حيث يشمل التعويض فيهما الضرر غير المتوقع، ويقاس الضرر المتوقع بمعيار موضوعي ، لا بمعيار شخصي بمعنى أنه هو ذلك الضرر الذي يتوقعه الشخص المعتاد في مثل الظروف الخارجية التي وجد فيها المدين لا الضرر الذي يتوقعه المدين(). ورغم أن الأصل هو أن تقدير التعويض يعتبر من مسائل الواقع الذي يستقل بها قاضي الموضوع دون رقابة عليه من محكمة النقض، وأن استقلال قاضي الموضوع بتقدير تعيين عناصر الضرر التي تدخل في حساب التعويض من المسائل القانونية التي تخضع لرقابة محكمة النقض وقضاء الحكم بالتعويض بصورة مجملة دون بيان عناصر الضرر قصور().

والتنفيذ العيني هو الأصل في المسئولية العقدية بصدد المعاملات الالكترونية حيث يلتزم مقدم الخدمة بتنفيذ التزامه مثل إزالة الفيروس أو استخدام المصلات المضادة لتحصين الخدمة المتفق عليها وتقديم البرنامج المناسب والسلعة المتفق عليها في العقد الإلكتروني(). وفي حالة استحالة التنفيذ فلا مناص أمام القاضي إلا الحكم بمقابل مادي يراعى فيه كافة الأضرار الناتجة عن ممارسة نشاط توريد المعلومات على الإنترنت ، وتطبيقاً لذلك قضت محكمة استئناف باريس بتعويض المضرور من عدم توريد الخدمة المتفق عليها بمبلغ مقداره 300,000 فرنك فرنسي بصورة إجمالية عن الأضرار كافة().

الفرع الثاني : 

تقدير التعويض عن المسئولية التقصيرية عبر الإنترنت

تمهيد: التعويض في المسئولية التقصيرية يشمل كل الضرر الناجم عن العمل غير المشروع سواء كان متوقعاً أو غير متوقعاً ما دام الضرر مباشراً. لأن هذه المسئولية لا تنشأ عن اتفاق وعلى ذلك يلزم المخطئ بتعويض الضرر الناشئ عن خطأه سواء كان هذا الضرر ملحوظاً من المخطئ وقت وقوع الضرر أم لا().

وأن مسئولية مزود الخدمة بتعويض الأضرار الناشئة عن خطئه قبل أي شخص لم يرتبط معه بعلاقة تعاقدية ولكن إصابة ضرر ما بسبب شهادة التصديق الالكتروني التي أصدرها مزود الخدمة فهي مسئولية خارج نطاق عقد شهادة التصديق الإلكتروني().

وإذا ثبت المستهلك الإلكتروني خطأ المهني المحترف فإن للمستهلك المضرور حق المطالبة بالتعويض بمقابل. وهذا التعويض يشمل ما لحق المتفاوض الإلكتروني المضرور من خسارة كنفقات إعداد الدراسات والرسومات وتقارير الخبراء بصرف النظر عن كونه المضرور من إجهاض المفاوضات غير متخصص أو مهني محترف يتعامل في غير مجال تخصصه باعتبار أن هذه النفقات تعتبر بمثابة خسارة حقيقية وفعلية().

لذا سنوضح تقدير التعويض عن الأضرار المختلفة في المسئولية التقصيرية الإلكترونية.

في ثلاثة أغصان على النحو التالي:

الغصن الأول : عناصر تقدير تعويض الضرر الناشئ عبر الإنترنت. 

الغصن الثانى : تقدير التعويض عن الضرر المادي والأدبي الإلكتروني.

الغصن الثالث : التعويض عن الضرر المباشر والمستقبلي عبر الإنترنت.

                               الغصن الأول : 

                       عناصر تقدير تعويض الضرر الناشئ عبر الإنترنت

المضرور هو الذي يقع عليه عبء الإثبات فيثبت مقدار ما أصابه من ضرر ومقدار ما فاته من كسب، والتعويض الذي يلزم به المسئول عن قاعدة المعلومات الإلكترونية نتيجة نشر معلومات غير صحيحة يكون عن الأضرار التي لحقت به نتيجة الاعتماد على تلك المعلومات المطلوبة وأيضاً عن المنافع التي ضاعت عليه نتيجة عدم الاعتماد على معلومات صحيحة أو عدم الحصول علها في التوقيت الملائم فمثلاً لو أن المشترك اعتمد على أخبار البورصة المنشورة في قاعدة المعلومات وأبرم تصرفاته بناء على تلك المعلومات الغير صحيحة ، فهنا يلحقه ضرر نتيجة عدم صحة أخبار البورصة وما يلحقه من تكلفة مرتفعة في العمل الذي أقدم عليه وكذلك الضرر الذي لحقه نتيجة فوات الربح الذي كان يمكن أن يحصل عليه لو أن هذه المعلومات كانت صحيحة، وهو ما يتم التعبير عنه بالتعويض عن ضياع الفرصة والتي تشكل منطقة وسطى بين الضرر المحقق والضرر الاحتمالي()

وقد يكون هناك تعويض مشدد يفرض مبلغ من المال كحد أدنى يكون عن كل يوم وضعت فيه أجهزة التلصص على الحياة الخاصة() عبر الإنترنت وعن كل يوم يمتنع فيه مزود الخدمة أو المسئول عن البث عن نشر رد المضرور عبر الإنترنت، وقد تأخذ المحاكم في اعتبارها سعة انتشار الضرر بقدر سعة انتشار المعلومات فالمطلعون على مواقع الإنترنت يقدرون بالملايين، وإن بث المعلومة الضارة على هذا العدد الضخم لابد أن يقابله تعويض ضخم(). وكما يشمل التعويض أيضاً ما ضاع على المتفاوض من وقت متى استطاع المضرور إقامة الدليل على ذلك. وهذا ما قضت به محكمة النقض المصرية بأن قطع المفاوضات دون إخطار في الوقت المناسب يعتبر خطأ يترتب عليه أضرار منها إهمال مباشرة محله التجاري في المدة التي قضاها في الخارج لاختيار المواد اللازمة للمصنع اعتماداً على أن الطرف الآخر جاد في أن تصل المفاوضات إلى غايتها(). 

                                 الغصن الثانى : 

               تقدير التعويض عن الضرر المادي والأدبي الإلكتروني:

أولاً: تقدير التعويض عن الضرر المادي الإلكتروني:

أن الضرر المادي الذي يجوز التعويض عنه وفقاً لأحكام المسئولية التقصيرية يتحقق إما بالإخلال بحق ثابت للمضرور يكفله القانون أو الإخلال بمصلحة مالية له().ويكفي لقيام مسئولية المدعي عليه وإلزامه بالتعويض توافر ركن الخطأ وحده دون ثبوت ركن الضرر ويشترط في الضرر المادي أن يكون محققاً بأن يكون قد وقع بالفعل وأن يكون وقوعه في المستقبل حتمياً(). 

وحتى يتمكن القاضي من تقدير حقيقي  وسليم للتعويض على نحو يقرب من درجة مساوية مع الضرر الناتج فإن عليه الإلمام ببعض المعلومات والبيانات والأفكار عن المجال الذي سيحكم فيه التعويض وهو الأضرار الناتجة في مجال شبكات الإنترنت فهذا الإلمام يسهل مهمته حتى ولو استعان بخبير في هذا المجال(). وقد يقوم القاضي بتقدير التعويض ورغم أن الأصل هو أن تقدير التعويض يتوقف على مقدار الضرر الذي لحق بالمضرور بغض النظر عن درجة الخطأ المرتكب وجسامته فقد ينتج عن الخطأ الجسيم ضرر تافه وبالعكس قد ينتج عن الضرر التافه ضرر بالغ كما لا يجب الإعتداد بالظروف الشخصية التي تحيط بالمسئول فلا يعتد مثلاً بمركزه المالي ولا بما إذا كان مؤمناً على مسئوليته أم لا().

ثانياً: تقدير التعويض عن الضرر الأدبي الإلكتروني:

التعويض عن الضرر الأدبي يشمل ما لحق المتفاوض من ضرر أدبي بسبب المساس بسمعته التجارية وإظهاره بمظهر يسهل انخداعه وفي عدم الثقة فيه، مما ينال من سمعته واعتباره في السوق التجاري(). ويجب على القاضي مراعاة الظروف الشخصية للمضرور وكل ظروف من شأنه التأثير فيما لحقه من ضرر مادياً وأدبياً على السواء عل ذلك (المواد 170، 171، 221، 222) مدني مصري() وكذا مراعاة الخطأ الذي ارتكبه بالنظر إلى الأخلاق المهنية والعادات السائدة في هذا المجال وطبيعة ما لحق المضرور من خسارة وما فاته من كسب().

وقد استقرت أحكام القضاء المدني الفرنسي على الأخذ بمبدأ التعويض عن الضرر الأدبي الناشئ عن المسئولية التقصيرية على الرغم من عدم وجود نص صريح في هذا الشأن().

ويرى الباحث : أنه يجب على القاضي المدني أن يراعي عند تقدير التعويض عن المسئولية التقصيرية عبر الإنترنت مدى حجم الضرر لكل واقعة على حده وحسب ظروفها من كافة جوانبها المختلفة ، ومراعاة ما إذا كان الضرر جسيماً أو قليل الأهمية في هذه البلد ومدى سعة انتشاره عبر شبكة الإنترنت.

                                      الغصن الثالث : 

                تقدير التعويض عن الضرر المباشر والمستقبلي عبر الإنترنت 

أولاً: تقدير التعويض عن الضرر المباشر:

الضرر غير المباشر لا يعوض عنه أصلاً لا في المسئولية العقدية ولا في المسئولية التقصيرية فلا تعويض إذن في المسئوليتين إلا عن الضرر المباشر وفي المسئولية التقصيرية يعوض عن كل ضرر مباشر متوقعاً(). أما الأضرار المحتملة غير محققة الوقوع فلا يلزم التعويض عنها إلا إذا وقعت بالفعل().

والتعويض مقياسه الضرر المباشر الذي أحدثه الخطأ شموله عنصرين هما الخسارة التي لحقت بالمضرور والكسب الذي فاته فالقاضي يقدرهما بالمال شرط ألا يقل أو يزيد عن الضرر سواء كان متوقعاً أو غير متوقعاً متى تخلف عن المسئولية التقصيرية().

ثانياً: تقدير التعويض عن الضرر المستقبلي:

تقدير التعويض يجب أن يكون عن الأضرار المحققةحيث لا تسمع دعوى المطالبة بالتعويض إلا عن الأضرار الثابتة على وجه اليقين أو تلك التي يتيقن من وقوعها في المستقبل(). ويثير تقدير التعويض عن الضرر المستقبلي متى كان مؤكداً تحققه في المستقبل المتمثل في التأثر على سمعة المتفاوض الإلكتروني مستقبلاً بعض الصعوبات.

فقد لا يتوقع القاضي الضرر المستقبلي وبالتالي لم يدخله في حسابه. وقد يتفاقم الضرر في المستقبل، فهنا يجوز للمضرور أن يطالب من خلال دعوى جديدة بالتعويض عن الضرر الذي تفاقم ولم يكن القاضي قد أدخله في تقديره للتعويض أول مرة. 

وليس في هذا القول ما يتنافى مع حجية الأمر المقضي به. لأن المحل يختلف في كل من الدعويين فمحل الدعوى الثانية هو التعويض عن الضرر الذي استجد وهو لمي كن موجوداً وقت نظر الدعوى الأولى وفي المقابل قد يحدث أن يتناقص الضرر على خلاف ما يكون قد قدره القاضي وقت الحكم بالتعويض، هنا لا يجوز للقاضي أن يعيد النظر في تقدير التعويض لأن من شأن القول بهذا الإخلال لمبدأ حجية الأمر المقضي به().

والتعويض عن ضياع الفرصة المترتبة على نشر معلومات مغلوطة محدد بشرطين:

الأول: ضرورة أن تكون الفرصة حقيقية ومؤكدة وهذا يتحقق في أن التعويض عن ضياع الفرصة وراء عدم الحصول على معلومات صحيحة لا يكون بطريقة مؤكدة بل الأمر يخضع لتقدير القضاء.

الثاني: أن يوقف الأمر على بحث الملف الخاص به تقدير إمكانية نجاحه أم لا وكذلك لا يكون التعويض إلا جزئياً، إذ أن أساس التعويض هو فكرة الاحتمال حيث يكون هناك احتمال حصول الشخص على كسب وظيفة معينة ولم يحصل عليها نتيجة بث هذه المعلومات غير الصحيحة والأمر يترك للقاضي لتقدير كل حاله على حسب ظروفها().

 

 

الخاتمة : 

ترتب على التطور التكنولوجي الرهيب الذي حدث في عالم الاتصالات وغيرها ، وذلك بفضل الإنترنت أن جعل العالم كله قرية صغيرة ، هذا التطور أدى إلى ظهور نتائج ايجابية وأخرى سلبية في مختلف ميادين الحياة.

ولقد عالجنا في موضوع بحثنا المعنون ((التعويض القضائي كجزاء عن المسئولية المدنية الإلكترونية الناشئة عبر الإنترنت)) دراسة تحليلية مقارنة.

ناقشنا في المطلب التمهيدي فيه مفهوم التعويض وتطرقنا فيه إلى تحديد مفهوم التعويض سواء كان لغوياً أو اصطلاحياً وانتهينا إلى أن التعويض اصطلاحاً يعني أنه جزاء المسئولية وأنه بمثابة عقوبة توقع على الشخص المطالب بأدائه 0

وتعرضنا في هذا المطلب أيضاً إلى أنواع التعويض ورأينا أنه يندرج تحتها التعويض الاتفاقي، والتعويض القانوني ، والتعويض القضائي وعرفنا أن لكل منهما المجال الخاص به.

وتطرقنا في المطلب الأول إلى تحديد القضاء المختص بالمنازعات المدنية الإلكترونية ورأينا من خلاله أن أطراف المنازعة قد يكونوا حدود المحكمة رضائياً بينهم، أو لم يتفقوا عليها ورأينا في حالة عدم وجود اتفاق أن الاختصاص ينعقد لمحكمة موطن أو محل إقامة المدعي عليه أو المحكمة التي تم الاتفاق على اختصاصها بنظر النزاع، أو المحكمة التي ينفذ العقد في دائرتها.

وفي المطلب الثاني ناقشنا التعويض القضائي كجزاء مترتب عن المسئولية المدنية الإلكترونية الناجمة عبر الإنترنت، وعرضنا أن التعويض عن المسئولية العقدية يشمل ما لحق الدائن من خسارة وما فاته من كسب. وأن التعويض في المسئولية العقدية يشمل الضرر المباشر المتوقع، ويخرج عن نطاق هذه القاعدة في حالة الغش والخطأ الجسيم ففي هاتين الحالتين يشمل الضرر غير المتوقع.

ورأينا أن التعويض في المسئولية التقصيرية يشمل كل الضرر الناجم عن العمل غير المشروع سواء كان متوقعاً أو غير متوقع ما دام الضرر مباشراً.

وفي ختام هذا البحث توصلنا إلى مجموعة من النتائج والتوصيات نسطرها فيما يلي:

أولاً: النتائـج

1- يلعب الإنترنت دوراً هاماً في ميادين الحياة المتنوعة، وأنه يقوم بنقلة حضارية لمجتمعنا وللمجتمع العالمى ، لذا فإنه قد تم تطبيق النصوص القانونية التقليدية بشأن الضرر الذي يسبب ضرراً للغير فإنه ملزم بتعويض هذا الضرر، ومن هنا فإننا نجد أن المادة 163 من القانون المدني المصري تطبق كذلك على كافة الأضرار المدنية الإلكترونية الناشئة عبر الإنترنت.
2- بسبب الصراع الدائم بين راغبي التقدم التكنولوجي وراغبي هدم هذا النظام، فإنه ظهرت فيروسات الحاسب الآلي عبر الإنترنت بصورة فجة قد تؤدي إلى تدمير النظام بأكمله وانتهينا إلى اعتبار فيروس الحاسب الآلي من الأسباب الأجنبية التي يدفع بها المدعي عليه المسئولية المدنية عن نفسه وهذا طبقاً للمادة 165 من القانون المدني المصري.
3- وأنه يجب لكي يدفع المدعي عليه المسئولية بسبب السبب الأجنبي (فيروسات الحاسب الآلي) يجب أن يثبت أن الضرر الذي حدث كان خارجاً عن إرادته وسيطرته، وأنه لم يكن له دخل في حدوث الضرر الناجم عن هذه الفيروسات، بسبب إهماله ورعونته وسوء مراقبته لنظامه المعلوماتي.
4- وأنه يجب مراعاة احترافية الشخص المسئول عن الضرر وعدم احترافيته (شخص عادي) وأن هذا التقدير يترك للقضاء المختص بحيث يبحث كل حالة على حده من ناحية ظروفها ووقائعها.
5- وأن التعويض في المسئولية العقدية يختلف عن التعويض في المسئولية التقصيرية، ففي المسئولية العقدية يشمل الضرر المتوقع فقط، وفي المسئولية التقصيرية يشمل الضرر المتوقع وغير المتوقع، بعبارة آخرى يشمل الأثنين ، وأن التعويض يشمل الضرر المادي والأدبي، والضرر المباشر والضرر المستقبلي يتم التعويض عنه بشروط.

 

ثانياً: التوصيـــات

أ- نهيب بالمشرع المصري ضرورة تعديل قانون التوقيع الإلكتروني رقم 15 سنة 2004، من أجل تحديد المسئولية المدنية لجهات التصديق الإلكتروني، في حالة إصدار شهادات تصديق إلكتروني غير صحيحة.

ب- أن يتطرق المشرع المصري إلى إضافة نص جديد في قانون التوقيع الإلكتروني سابق الذكر يلزم أصحاب الكافيهات والسنترالات ومراكز الإنترنت العامة والخاصة في الدولة، بوجوب تسجيل أسماء جميع الأشخاص الذين يستخدمون الإنترنت من ناحية وقت الاستخدام، ورقم الجهاز الذي استعمله في تلك الفترة. وألا يكونوا مسئولين عن ارتكاب هؤلاء الأشخاص لأي مخالفة عبر الإنترنت، وذلك بسبب إهماله وعدم اتباعه الإجراءات الواجبة والمنصوص عليها قانوناً، وهذا حتى يتم القضاء على شيوع المسئولية والقضاء على إفلات المخالف من العقاب.

جـ- نناشد الأمم المتحدة الدعوى إلى عقد مؤتمر دولي لعقد معاهدة دولية، من أجل وضع نظام قانوني موحد يعالج كافة المشاكل الناجمة عن الإنترنت، وهذا من أجل إلزام الدول الأعضاء وفيها والموقعة على هذه المعاهدة تبنى هذه النصوص في قوانينها الداخلية واعتبارها كقانون داخلي ينفذ في أراضيها.

د- إنشاء نظام تأمين إجباري دولي يتولى تعويض المضرور من كافة التعاقدات والمعاملات الإلكترونية التي تتم عبر الإنترنت، ويقوم بسداد قيمة التعويض للمضرور.

                     

                     ( وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين ) 

                                                صدق الله العظيم



التعليقات
شارك بالتعليق الاول للخبر
اضافة تعليق جديد

جميع الحقوق محفوظة لموقع وكالة "الرقيب الدولي" الإخبارية (2013 - )

لا مانع من الاقتباس او النقل شريطة ذكر المصدر

اطلع على سياسة الموقع الالكتروني