ناجي باشا العزام.. دعوة لإطلاق إسمه على احد دواوير إربد
كتب: مُعين المراشده * -
من حق المدن أن تحتفي بتاريخها، ومن واجبها أن تخلّد أسماء رجالاتها الذين صنعوا ملامح هويتها الوطنية، وتركوا بصمات لا تُمحى في مسيرة نهضتها. وإربد، بوصفها مدينة عريقة وموئلًا للرجال الأحرار، تستحق أن تحمل شوارعها وميادينها أسماء قامات شامخة في تاريخ الأردن الحديث.
ومن بين هذه القامات، يبرز اسم الشيخ ناجي باشا العزام، واحد من رجالات الرعيل الأول، وزعيم وطني وقومي، لعب أدوارًا محورية في تأسيس إمارة شرقي الأردن، وكان له إسهامات بارزة في الحياة السياسية والاجتماعية، ومواقف ناصعة في الدفاع عن القضايا العربية، وفي مقدمتها فلسطين.
لقد وُلد الشيخ ناجي باشا العزام في بلدة حوفا الوسطية عام 1873، وتولى شيخة عشائر الوسطية وزعامتها منذ عام 1911، وكان من أوائل من أعلنوا العصيان المدني ضد حكومة الاتحاد والترقي العثمانية، ودعا الأهالي لعدم دفع الضرائب، ووقف إمداد الحكومة بالحبوب والمواشي، رافضًا الظلم والاستبداد.
شارك في تأسيس الفرع الأردني لحزب الاستقلال العربي، وفي حكومة قضاء عجلون العربية، وكان عضوًا في مجالس تشريعية وإدارية، ورئيسًا لحكومة الوسطية، ومستضيفًا لمؤتمر قم عام 1920 الذي كان أول مؤتمر في العالم ينعقد نصرة لفلسطين. وكان أيضًا من رجالات مؤتمر أم قيس التاريخي الذي وضع ملامح الدولة الأردنية الحديثة.
لم تكن مواقفه حبيسة حدود الأردن، بل امتدت لتشمل دعم الثورات العربية ضد الاستعمار والعصابات الصهيونية، من فلسطين إلى الجزائر وسوريا، بالمال والسلاح والموقف.
وانطلاقًا من هذا الإرث الوطني الزاخر، فإنني أجد أن من حق الشيخ ناجي باشا العزام، بل من واجبنا جميعًا، أن يُخلّد اسمه على أحد أهم ميادين إربد، تحديدًا الدوار الجديد الواقع تحت جسر الحسبة على المدخل الغربي للمدينة.
هذا المطلب ليس ترفًا ولا مجاملة، بل هو استحقاق وطني مكتسب لقامة أردنية كبيرة، قدمت الكثير لوطنها وأمتها. وهو مطلب مشروع لا ينبغي أن يُفهم في سياق عشائري أو مناطقي، بل في إطار الوفاء لتاريخنا المشترك. ولا أرى ما يمنع أن يُبادر رئيس بلدية إربد الكبرى الحالي، وهو من أبناء العزام، إلى تبني هذا المقترح، إذ لا يستطيع منصف أن ينتقده أو يشكك في دوافعه، فالشيخ ناجي باشا العزام ليس شخصية عادية، بل هو رمز وطني، وأكثر أحقية من كثيرين حُملت أسماؤهم على ميادين وشوارع وهم لم يتركوا أثرًا يُذكر.
إن تكريم الرموز الوطنية ليس فقط حفظًا للذاكرة، بل هو رسالة للأجيال القادمة بأن الوفاء للتاريخ وللرجال العظام هو من شيم الأوطان الحية.
* ناشر ورئيس هيئة تحرير وكالة "الرقيب الدولي" الإخبارية.