أكاديمي أردني يدعو إلى تطوير التشريعات لتعزيز الشراكة الوطنية وترسيخ الثقة بين الدولة والمواطن
عمّان 27 تموز 2025 - (الرقيب الدولي) -
دعا الدكتور زيد مُعين المراشده، أستاذ القانون المدني المساعد، إلى تطوير المنظومة التشريعية لتعزز من الشراكة الوطنية بين الدولة والمواطن، وتعيد بناء الثقة في المؤسسات، باعتبارها أحد أهم مقومات الحكم الرشيد والتنمية المستدامة.
وأوضح الدكتور المراشده، في مقال تحليلي قانوني نُشر في عدد اليوم من جريدة الدستور الأردنية، بعنوان: "نحو تشريعات فاعلة تعزز الشراكة الوطنية: دور القوانين في دعم المجتمع وتمتين العلاقة بين الدولة والمواطن"، أن التشريع يُعد أداة محورية لتنظيم العلاقة بين الدولة والمجتمع، وداعمًا رئيسيًا لمبدأ العدالة والمساءلة، خاصة في ظل التحولات المتسارعة إقليميًا وعالميًا.
وتناول المقال عددًا من المحاور الرئيسية، أبرزها أهمية صياغة قوانين تنطلق من الواقع الاجتماعي والسياسي الأردني، وتعكس الإرادة الملكية الإصلاحية، إلى جانب ضرورة تمكين المواطن من خلال قوانين تُعزز دوره في صنع القرار والمشاركة السياسية الفاعلة.
وأشار المراشده إلى أن التجربة الأردنية الأخيرة في تعديل قانون الانتخاب تمثل نموذجًا للتشريعات التحويلية، التي أعادت صياغة العلاقة بين الناخب والنائب، وساهمت في ترسيخ العمل الحزبي البرامجي، وتمكين فئات الشباب والمرأة ضمن رؤية وطنية تحديثية شاملة.
كما تطرق المقال إلى جهود مكافحة الفساد من خلال تطوير الأطر التشريعية، وتفعيل مؤسسات الرقابة مثل هيئة النزاهة وديوان المحاسبة، مؤكدًا أن الشفافية وسيادة القانون هما الأساس لأي شراكة ناجحة ومستدامة بين الدولة والمواطن.
ودعا الدكتور المراشده إلى تعزيز الثقافة القانونية في المجتمع، من خلال حملات توعية مستمرة، تُظهر أثر القانون في الحياة اليومية، وتُسهم في ترسيخ الاحترام المجتمعي للقواعد القانونية باعتبارها عامل وحدة واستقرار.
واختتم مقاله بالتأكيد على أن القانون هو أداة تنظيم وركيزة وطنية لبناء دولة العدالة والمساواة، ووسيلة لإشراك المواطن في صياغة مستقبل وطنه، في انسجام تام مع الرؤية الملكية الإصلاحية التي يقودها جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، حفظه الله، نحو أردن أكثر عدالة وثقة واستقرارًا.
وتاليًا نص المقال الكامل كما نُشر على جريدة الدستور الأردنية:
نحو تشريعات فاعلة تعزز الشراكة الوطنية: دور القوانين في دعم المجتمع وتمتين العلاقة بين الدولة والمواطن
كتب: د. زيد مُعين المراشده * -
في ظل التحولات المتسارعة التي يشهدها العالم اليوم، أصبحت الشراكة بين الدولة والمجتمع ضرورة أساسية لتعزيز التنمية السياسية والاجتماعية والاقتصادية، انسجامًا مع رؤية القيادة الهاشمية الحكيمة في ترسيخ منظومة حكم رشيد تقوم على العدالة والمساءلة وسيادة القانون.
وتُعد القوانين إحدى الأدوات الرئيسة لتنظيم هذه العلاقة، حيث تشكّل الإطار الذي يحفظ الحقوق، وينظّم الواجبات، ويكفل مشاركة المواطنين في صنع القرار، ويضمن توافق المسارات التنموية والسياسية مع تطلعات المجتمع.
وفي الأردن، شكّلت التوجيهات الملكية السامية مرجعًا وطنيًا واضحًا لتعزيز الإصلاح السياسي والقانوني، وترسيخ الشراكة بين المواطن والدولة من خلال منظومة تشريعية ومؤسسية متماسكة.
ينطلق النظام القانوني الأردني من دستور عام 1952، الذي أرسى مبدأ سيادة القانون، والفصل بين السلطات، وضمان الحقوق والحريات العامة، وعلى رأسها حرية الرأي والتعبير والمشاركة السياسية.
وقد جاءت التشريعات المنبثقة عنه، مثل قانون الانتخاب وقانون الأحزاب السياسية وقانون الاجتماعات العامة، لترجمة هذه المبادئ إلى منظومة قانونية عملية تعزز المشاركة الشعبية وتدعم بناء التوافق الوطني.
ومما لا شك فيه، يصعب الفصل بين القانون والسياسة في الأردن؛ فالتشريع يعكس الإرادة السياسية والرؤية الوطنية، ومن هنا جاءت حزمة التعديلات السياسية الأخيرة، لا سيما قانون الانتخاب الجديد، لتؤكد التوجه الملكي نحو ترسيخ العمل الحزبي البرامجي، وتمكين الشباب والمرأة، وتوسيع قاعدة التمثيل السياسي الفاعل، بما ينسجم مع مخرجات اللجنة الملكية لتحديث المنظومة السياسية.
وتُعد تجربة تعديل قانون الانتخاب، التي أدخلت مفهوم التمثيل البرامجي، نموذجًا إيجابيًا أعاد صياغة العلاقة بين الناخب والنائب، بما يعزز من جودة العمل التشريعي والرقابة البرلمانية، ويؤكد أن القانون يمكن أن يكون أداة فاعلة للتغيير الإيجابي حين يرتكز على دراسة الواقع واستشراف المستقبل.
وقد شهدت السنوات الأخيرة خطوات فاعلة في تعزيز الإطار التشريعي لمكافحة الفساد، من خلال تفعيل دور هيئة النزاهة ومكافحة الفساد، وتعزيز دور ديوان المحاسبة، بما يرسّخ قواعد الشفافية والمساءلة، ويكافح الهدر وسوء الإدارة، ويؤسس لبيئة قانونية رشيدة.
إن الشراكة الوطنية تتطلب تكاملًا حقيقيًا بين مؤسسات الدولة والمجتمع، وتفعيلًا لآليات المشاركة العامة، واحترامًا للحقوق والواجبات المتبادلة، وهي مشروع مستمر يتطلب تطويرًا مستدامًا للتشريعات وتحديثًا دوريًا لها، بما يواكب التغيرات المجتمعية والاقتصادية والسياسية.
ولا يمكن تحقيق شراكة حقيقية بين الدولة والمواطن دون منظومة قانونية عادلة تُطبّق على الجميع دون استثناء، فثقة المواطن تبدأ من التزام المؤسسات بسيادة القانون بعدالة وشفافية.
وفي هذا السياق، يُعد القانون أداة محورية لإعادة بناء الثقة بين الدولة والمواطن، ويمنحه دورًا فاعلًا في صياغة الحاضر واستشراف المستقبل، خصوصًا في ظل الرؤية الهاشمية الإصلاحية التي تضع المواطن في قلب عملية التنمية الوطنية.
كما أن تطوير المنظومة القانونية يتطلب رؤية تشريعية واضحة تستند إلى تحليل علمي ومعرفة دقيقة بالتحولات الاجتماعية، وتُشرك جميع الفاعلين السياسيين والمؤسسات الرقابية والمجتمعية، لضمان تشريعات أكثر فاعلية وتماسكًا.
ومن الأهمية، تعزيز الثقافة القانونية لدى المواطنين، عبر التوعية المستمرة بدور القانون وأثره في حياتهم اليومية، فالقانون لا يحقق أهدافه ما لم يكن مفهومًا ومحل احترام مجتمعي واسع.
وفي الأردن، حيث تُشكّل القيادة الهاشمية نموذجًا في الانفتاح والإصلاح، فإن ترسيخ هذه الشراكة يتطلب تفعيل دور القانون كمحور جامع يعيد بناء الثقة، ويمنح المواطن دورًا إيجابيًا في صناعة السياسات الوطنية.
القانون، في رؤيتنا الوطنية، هو أداة بناء وتغيير، تُرسّخ العدالة، وتمكّن الفئات المهمشة، وتدفع عجلة التنمية الشاملة، وهذا يتطلب كفاءة تشريعية، وتكاملًا مؤسسيًا، ومواطنًا واعيًا بدوره وحقوقه وواجباته، مؤمنًا بأن الشراكة تُبنى بالقانون والعمل والنية الصادقة.
لذلك، يجب أن نرى القانون كقوة إيجابية حقيقية تساهم في بناء دولة العدالة والمساواة وتعزيز الوحدة الوطنية، وهذا هو النهج الذي يؤمن به جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين، حفظه الله، والذي يضع المواطن في صميم العملية التنموية والسياسية، ويعزز قدرة الأردن على مواجهة التحديات بثقة واقتدار.
*
- أستاذ القانون المدني المساعد.
- أكاديمي، محامي.
Zaid_marashdeh@yahoo.com