الأردن.. قلب العروبة النابض ونبراس القيم الإنسانية
بقلم : أ. د حابس الزبون - (رئيس جامعة جدارا ) -
في لحظات تختلط فيها دموع الألم بنداءات الإغاثة، وتتعالى فيها صرخات المكلومين من تحت ركام المأساة، ينهض الأردن من عمق وجدانه القومي، حاملاً راية العطاء ومشعل الإنسانية. وفي مشهد يفيض شهامةً ويجسّد روح العروبة الحقة، وجّه جلالة الملك عبدالله الثاني ابن الحسين - حفظه الله - بإرسال مساعدات إنسانية عاجلة إلى أهلنا في جنوب سوريا، مواساة للمنكوبين، ونجدةً للمهجّرين، وإسنادًا للمستشفيات التي أرهقها النزف.
لقد انطلقت قوافل الخير من أرض الهاشميين - الذين ما توانوا يومًا عن نجدة الشقيق ونصرة الملهوف - متجهة صوب الجنوب السوري، بالتزامن مع استمرار العطاء الأردني تجاه أهلنا في غزة، الذين يُسقَط عنهم الحصار بالجوع، ويُشتد عليهم الخناق بالعدوان.
هذا التوأم النبيل بين الموقفين الأردني تجاه غزة وسوريا، ليس مجرد فعل إغاثي عابر، بل هو تأكيد على وحدة الوجدان العربي، وصدق الانتماء، والتزام لا يتزعزع بثوابت الأمة، وحقائق الجغرافيا، ووشائج التاريخ.
الأردن، بقيادة جلالة الملك وبتلاحم أبنائه، يثبت مرة تلو الأخرى أن البوصلة لا تحيد، وأن دقات القلب تنبض حيثما يكون العربي محتاجًا، وأن الجار في العسر لا يُنسى، بل يُكرم وتُغاث كربته. وهذا هو النبض الهاشمي، الذي لا ينطفئ، والذي تعلّمت منه الأجيال أن السيادة ليست في السلطة، بل في القرب من الناس، والانتصار لقضاياهم.
إنها ليست فقط قوافل مساعدات، بل هي رسائل حب، وتوقيعات شرف، تنطلق من عمان إلى دمشق وغزة، تحملها أيدي الهاشميين، وتنسجها عقول الأردنيين، وتباركها روح الأمة التي تأبى القهر، وتنتصر للكرامة.
هكذا كان الأردن، وهكذا سيبقى.. عربيًا الوجه، قوميًا الموقف، هاشميًا في العطاء والقيادة، لا يخذل أخًا ولا يتأخر عن نجدة، ولا يُغلق بابًا في وجه مستجير.