الدكتوره دانييلا القرعان -
المقال باب عظيم من أبواب العلم وطريق واسع لنشر الفكر والتأثير في الناس، لذلك جاءت كتابتي في إطار مقالي، يبين لنا العلاقة والأهمية والرسوخ والثبات ما بين العلم والحياه وما هو هذا الرابط الكبير بينهما؟ وسر العلاقة الوطيدة التي تجمعهما في مفهوم واحد، وأي منهما هو جزء من الآخر،، هل العلم جزء من الحياة ام الحياة جزء من العلم؟
العلم بمفهومه الشامل علاقة واسعة مع كل مناحي وفروع الحياة، فعلاقته مع القانون والسياسة والاقتصاد والصناعة والمال والآداب والأخلاق والدين والأمم والشباب لا يستطيع أحد منا نكرانها.
تبرز أهمية وعلاقة العلم في تطور جميع جوانب ومناحي الحياة، وأنه وبإدخالنا العلم إلى أي مجال من هذه المجالات فأننا سنحظى بخير وفير وعطاء غزير، فالسياسة مثلا يجب أن تتعاون مع العلم لكي تسخر القوى المختلفة لخدمة الإنسانية ورفاهيتها طالما أن هدفها الأسمى هو خير البشر وسعادتهم، وكذلك الصناعة في بداية القرن الماضي كانت حرّفية تعتمد على اليد العاملة دون الآلة، فجاءت علوم الكتب جميعها تنادي وتحث أصحاب الحرف على تطوير منتجاتهم من خلال وسائل إنتاجها، والتحول من اليد العاملة إلى الآلة التي تعمل دون كلل أو ملل، وهذا يوضح لنا مدى تأثير العلم في تقدم البشرية من اليد العاملة إلى الآلات التي تعمل دون تعب أو كلل، وبذلك توفر الوقت والجهد على الحرّفي الذي يعمل في الليل بالنهار.
وكما للعلم علاقة بالسياسة والصناعة كذلك للعلم أهمية وتأثير راسخ في فرع المال، من خلال معرفة الفائدة التي تنال أصحاب رؤوس الأموال من تكديس الأموال دون الاستفادة منها، وفي هذا الجانب العلم قدّم بعض الأفكار العامة حول أهمية تطوير هذه الأموال في خدمة الصناعة والتجارة والزراعة على أسس علمية، مما يساهم في نماء هذه الأموال وتطور البلد ونمائها وتشغيل الأيدي العاملة فيها.
وما يلفت الانتباه ان جغرافية الأمم العربية وما فيها من ثروات وموارد طبيعية وبشرية، لو أحسن أستخدامها بطرق علمية قائمة على العلم الصحيح لجعلت من العرب أمة رائدة كسالف عهدها الماضي.
لا خلاص للدولة بل للبشرية من الشرور إلا إذا صار العلماء حكاماً او صار الأمراء والحكام علماء وفلاسفة، فتجتمع القوة السياسية بالعلم والحكمة، وأيضا هنالك قوة تضاف إلى القوى السابقة وهي قوة الشباب، فالقوة السياسية اذا إجتمعت بقوة العلم وقوة الشباب ستتحقق للبشرية كل الخير و السعادة.
أما بخصوص علاقة العلم بالأخلاق، العلم هو أكبر عامل على على رفع الأخلاق في الأمة، لأنه يرتفع فوق الصغائر والدنايا إلى سماء الحقيقة الخالدة، والعلم علم من أعلام الفضيلة لأنه يسمو فوق الشهوات، وهو مطّهر للنفوس من ادناس الأنانية، لأنه يحمل شعلة مفترسة تذيب الأثر، وتمحو حب الذات وتحمل محلها الإيثار والرغبة في خير المجتمع.
أما بخصوص العلاقة ما بين العلم والدين، لا يوجد مشكلة ما بين العلم والدين، وما يروّج له من خلاف إنما يرد على قلة من رجال الدين الذين يحاولون أن يفرضوا وجهة نظرهم على العلم، وأننا كأصحاب علم نؤمن بالخير ونحارب الشر، ونحن لا نقبل جدلاً بذلك من العلماء، ولا يغنينا من هذا أحد النظريات أو الحقائق العلمية، بل نحيا ونموت مدافعين عن الخير وعن الفضيلة وعن العدل ونحارب الشر والرذيلة والظلم سواء كانت الارض تدور حول الشمس ام الشمس هي التي تدور حول الأرض، وسواء أكانت الأجسام تتبع في سقوطها أم لا.
من خلال علاقة العلم بالحياة، يبين لنا ان نظرات الناس وتصوراتهم للحياة، تختلف بإختلاف طبيعة توجهاتهم، ومستوى قدراتهم، لذلك يحدث التنافر بينهم في الحياة، ومن هنا كان للعلم ضرورة من ضرورات الحياة، لأن العلم يصور الحياة تصويرا صحيحا أساسه الواقع والمنطق السليم، والعلماء إذا حكموا على الحياة، جاء حكمهم صادقا قويا لا يختلف فيه اثنان، والناس إذا نظروا للحياه نظرة علمية أراحوا أنفسهم من شرور اهوائهم ونزوات نفوسهم، واتفقوا في تصويرهم للحياة، وفي الحكم المشترك، بدلا من السعي في الكيد والشر.
في النهاية نقول ان الأرض ما تزال محبةٌ وتتسع للناس جميعا، وأن القوى الموجودة على سطحها عظيمة، فإذا استعان الناس بها على قضاء حوائجهم وسخروها لخيرهم ورفاهيتهم مسلحين بالعلم والروح العلمية كان لنا أن ننتظر للبشر مستقبلا يكفل راحتهم وسعادتهم وطموحهم..