المراشده يشارك في حفل السفارة الصينية بمناسبة الذكرى الـ76 لتأسيس جمهورية الصين الشعبية رئيس جامعة جدارا يشارك في الحفل الوطني السعودي بمناسبة اليوم الوطني الـ95 تعيين أول سفير أردني للاتحاد المعمداني العالمي في الشرق الأوسط، وتعيين أول رئيس عربي للاتحاد المعمداني الأوروبي المجلس الوطني لشؤون الأسرة يعقد اجتماعًا لمجلس أمنائه وفد من جامعة جدارا يشارك في حضور احتفال السفارة السعودية في عمّان باليوم الوطني الـ95 بعد صدور الإرادة الملكية السامية.. الشرايري يباشر عمله رئيسا لجامعة اليرموك مندوبا عن الملك وولي العهد. العيسوي يعزي آل ياغي رئيس الديوان الملكي يتفقد مشاريع مبادرات ملكية تنموية في المفرق الملك عبدالله الثاني.. ضمير الإنسانية وصوت الحق في الأمم المتحدة جمعية مكاني بينكم للمعوقين تنظم ورشة حول الاعفاءات الجمركية إِنَّها ضرائب الأُردنيين.. "حِنكةٌ دبلوماسية هاشمية" د. شكري المراشده: نقف خلف مواقف الملك تجاه القضية الفلسطينية جامعة جدارا تستضيف مؤتمر بعنوان "الوئام بين الأديان" العيسوي ينقل تمنيات الملك وولي العهد بالشفاء للوزير استيتية

القسم : اقلام واراء
تاريخ النشر : 25/09/2025 2:23:47 AM
إِنَّها ضرائب الأُردنيين..
إِنَّها ضرائب الأُردنيين..


الكاتب: وليد الساخر معابرة - جامعة آل البيت

في زمن أصبحت تتشابك فيه الأكاذيب مع الشعارات؛ كما تتشابك أسلاك الميكروفونات المتهالكة التي لم تقدم عملاً دراميَّاً واحداً منذ سنوات؛ يخرج إلينا مجلس إدارة التلفزيون الأردني بقرار يتضمن تخصيص مبلغ نصف مليون دينار أردني لشاب يطلقون عليه اسم "مؤثر"! في حين أن الفنانين الأردنيين الذين مارسوا أدوارهم بعناية وأخلاقيَّة، وأدُّوا ما عليهم من سيناريوهات نشرت القيم الاجتماعيَّة وحافظت على القيم الأخلاقيَّة منذ ما يقارب السبعين عاماً؛ تراهم يجلسون الآن في بيوتهم من غير عمل يدرُّ عليهم ما يسدُّ رمقهم، وما يقضي التزاماتهم الأساسيَّة نحو أُسرهم التي بات همُّها الأكبر أن تجمع قيمة الفواتير الشهريَّة المستحقة.

إنَّ التلفزيون الأردني الذي طالما اعتمدنا عليه في إنتاج وثائق فنيَّة تسهم في توسيع المعرفة لدى المتلقي؛ بات اليوم من أكثر المؤسسات الإعلاميَّة التي تجترُّ الماضي اجتراراً لعدم وجود ما يعرضه للمشاهد؛ وإنَّه لم يعد اليوم قادراً على الإنتاج المعرفي، بل أصبح بمنزلة مهرجان لتوزيع الغنائم وصرف الأموال التي هي في أصلها ملك للشعب وليست ملكاً لأشخاص، متناسين أن قانون الغنائم يشير إلى أنَّ الأموال إذا أُخذت من غير جهود قتاليَّة –مجازاً- فهي تقع ضمن مسمى الفيء؛ وأن خمسها لله ورسوله وليس لمجلس الإدارة.

لست ضد الشخص الذي يطلقون عليه اسم "المؤثر"؛ ولكنَّني ضد التعسفيَّة الإداريَّة التي تفرض نفسها هنا وهناك، وفي كل المؤسسات الحكوميَّة وشبه الحكوميَّة! وضدَّ أحداث الزمن الذي بات فيه المسؤولون يظنون أنَّ أموال المؤسسات تندرج تحت إمرتهم الخاصة، يوزعون ما يتحصَّلون عليه من ضرائب كما يشاؤون، وكيفما يشاؤون، وأينما يشاؤون!

لقد فتشت كثيراً في وجدان الأردنيين، وبحثت في قيمهم وأخلاقهم وثقافاتهم، وما زلت أبحث في دفاتر أبنائهم؛ ولكنَّني لم أجد أثراً واحداً لبعض المؤثرين الذين يتصدرون مواقع التواصل الاجتماعي؛ سوى أثر صغير تتركه بعوضة صغيرة على جسد مثخن بالجراح! بينما الفنانون الأردنيون؛ أولئك الذين شربنا من أدوارهم معنى التضحية، وأخذنا من مسرحيَّاتهم دروساً في الوطنيَّة، ومن أعمالهم التلفزيونيَّة قيما اجتماعيَّة وأخلاقيَّة راسخة؛ يُتركون على الأرصفة؛ يبيعون ذكرياتهم بثمن بخس! هؤلاء الذين كان يحتفل بهم التلفزيون الأردني نفسه ويتغنَّى بهم في الأعياد الوطنيَّة؛ صاروا اليوم مجرَّد صور قديمة في أرشيف مظلم.

إنَّ التلفزيون الرسمي، بدل أن يُبادر إلى صناعة محتوى يُعيد للمواطن كرامته المهدورة! ارتضى أن يتحوَّل إلى "صيوان للمناسبات"، وإلى مسرحٍ هزليٍّ يقدم لنا فيديوهات سريعة، تتبعها ابتسامات مصطنعة، وحركات هزليَّة لا تزن عند العقلاء جناح بعوضة؛ لتتحوَّل -في النهاية- إلى جهة ممولة (لمؤثرين بلا أثر)، وبصفقات ماليَّة على حسابنا ومن ضرائبنا التي تقتطع شهرياً من رغيف الخبز وحليب الأطفال؛ لا من جيوب من وزَّعوا المنحة بكرم طائيٍّ! لكن ما دام الأمر لا يخص جيوب المسؤولين، فليُهدر المال العام على أي عابر سبيل! فأموال الضرائب التي ننتزع من الأردنيين كما تُنتزع الأسنانٌ من دون تخدير؛ نجدها تُلقى في أحضان "مؤثر" ربما لم يقدّم للبشريَّة أكثر من مواقف مضحكة في بعض الأحيان، أو مواقف ساخرة في أحيان أخرى، وكأنَّنا نتحدث عن نيوتن الذي اكتشف قانون الجاذبيَّة، أو عن ابن خلدون الذي أسس علم الاجتماع! في حين أنَّ حقيقة المؤثرين الذين أصبحوا (مفكرين وعلماء) على مواقع التواصل الاجتماعي؛ لا يزيد أثرهم عن أثر حجرٍ سقط في بئرٍ جاف (فرقعة للحظات، يتبعه صمت طويل لا تفسير له)؛ بينما الفنان الذي علّمنا أن "الحق لا يموت"؛ لا يجد اليوم الحق في الحصول على دوائه أو دواء زوجته أو دواء أبنائه.

يبدو أنَّ التلفزيون الأردني قد نسي أو تناسى أنَّ الفنانين الأردنيين هم الذين صنعوا ذاكرة الوطن، وغرسوا في الناس قيماً أخلاقيَّة واجتماعيَّة ووطنيَّة لا تزال تُروى جيلاً بعد جيل! أولئك الذين قدّموا أعمالاً جمعت العائلة الأردنيَّة حول الشاشة، وعلَّمت الطفل كيف يحترم معلمه، والابن كيف يجلُّ أباه، والموظف كيف يتعامل مع مسؤوله، باتوا اليوم غرباء! تُركوا على الهامش كأَنَّهم أوراقٌ قديمة لا تصلح إلا لإشعال مدافئ الشتاء.

إنني لست ضد المؤثرين، ولست ضد أن يجد شاباً في مقتبل عمره فرصة ليبدع فيها، أو أن يسطع نجمٌ جديد في سماء الفنِّ الأردني؛ ولكنَّني ضد أن تتحوَّل مؤسسات الدولة إلى دواوين شعبيَّة مفتوحة، فالنصف مليون دينار الممنوحة لمؤثر السوشال ميديا يمكن أن ننشئ من خلالها مسرحاًَ جديداً، أو أن ننتج مسلسلاً وطنيَّاً يذكِّر الأجيال القادمة بتاريخهم، أو أن ندعم بذلك المبلغ ما تبقى من الفنانين الأردنيين الذين أفنوا أعمارهم في خدمة الفنِّ والناس؛ لا أن تدعم مؤثرين في مواقع التواصل الاجتماعي يسهمون في إنتاج فيديوهات لا تجدها إلا في هواتف المراهقين، الذين إذا حاولت أن تختبر مستواهم الثقافي؛ فإنَّهم سيذوبون ويتلاشون ثم يصطدمون في الحائط عند أول سؤال ثقافي أو علمي جاد.

إنَّه من البدهي، أنَّ نكون منصفين في تصنيف البشر وإعطاء كلَّ ذي حقٍّ حقَّه، كما إنَّه من البدهي أيضاً أن ندرك أنَّ الفنانين الأردنيين، وكتُّاب النصوص الدراميَّة والمسرحيَّة؛ قد قدموا مسلسلات خالدة تميَّزت عن غيرها من المسلسلات والأفلام العربيَّة الأخرى، أنَّها مارست الفضائل بطرق شتى، وعممت ثقافات واعية، وغرست مفاهيم تربويَّة مكَّنَت المتلقي من الحصول على علمٍ تربوي واجتماعي فريدٍ من غير عناء؛ في زمنٍ باتت فيه معظم المجتمعات تخلط بين ما يسمى "بتربية الطفل" و "رعاية الطفل"، فهناك نصوص دراميَّة أردنيَّة يحتاج المتلقي فيها إلى قراءة كتب متخصصة من أجل كسب المعارف، وإحياء القيم الأخلاقيَّة والاجتماعيَّة الأصيلة الخالدة التي تتدفق بطريقة دراميَّة وتربويَّة سلسة، بعكس ما قدمته بعض شركات الإنتاج العربيَّة من أفلام ومسلسلات مَلأَى بالإيحاءات الجنسيَّة التي أسهمت في تحوير مفاهيم اجتماعيَّة؛ بعد أن أعدمت الأصول، ونشرت الرذيلة، وغرست مفاهيم التأمرك واضمحلال الفِكر بقصد أو بغير قصد.

إن التلفزيون الأردني يجب أن يبقى مدرسة وطنيَّة بامتياز، وحارساً للهويَّة، ومؤسسة للأخلاق والقيم؛ لا مسرحاً للهزل وتقديم "جوائز الفراغ الثقافي" هنا وهناك، مغلقاً أبوابه في وجه الفن الصادق، والفنانين الصادقين الذي لا أتذكر أنَّهم عرضوا مشهداً واحداً مخلا بالأخلاق، أو حاربوا قضيَّة أصوليَّة تخالف ثقافات الشعوب العريقة.

خلاصة القول: إنَّ السادة القائمين في أبراج الإعلام؛ سيدركون تماما أنَّ العبث بضرائب الأردنيين لن يقودهم إلا لطريق واحد، فيه مؤثر واحد؛ يندرج ضمن حجم الغضب المتصاعد الذي اشتروه بحفنة من الصفعات المجانيَّة التي تم اختزالها من ضرائب الأردنيين.

التعليقات
شارك بالتعليق الاول للخبر
اضافة تعليق جديد

جميع الحقوق محفوظة لموقع وكالة "الرقيب الدولي" الإخبارية (2013 - )

لا مانع من الاقتباس او النقل شريطة ذكر المصدر

اطلع على سياسة الموقع الالكتروني