بقلم: عاهد الدحدل العظامات
مللنا من الرد في كل مرّة على محاولات العبث والتشويه وتحجيم مواقف بلادنا وتصغيرها، والتحريض على ضرب إستقراره من خلال دعوات مشبوهة يخرج بها قياديي حركة حماس التي تعيش في غرفة "الإنعاش" بسبب تهورها في الإنزلاق بإتجاه معركة لم تكُن متكافأة، أدت في مآلاتها إلى مآسي لا يزال الناس الغزيين يعيشونها إبتداء من القتل والتدمير، وصولاً إلى التجويع ونوايا التهجير. هذا الحديث لا يتعلق بالمقاومة كفكرة يجب ألّا تموت طالما أن هناك أرض مُحتلة؛ لكن السؤال اليوم: ماذا حققت حماس من فعلتها الطوفان الذي صفقنا له في لحظة شعرنا جميعاً بنشوة الإنتصار وظننا أنها البداية لتغيير الواقع، لكن في لحظة إفاقة صُدمنا بهول المُجرياا التي حولت الواقع السيء إلى الأسوأ منه، ليُصبح الطوفان وكأنه بداية لنكبة جديدة أمرّ علقماً!
وما يستفزك أن القيادات "الناجية" إلى حد الآن لا تزال تخرج على العلن لتتجه لتبرير الهزيمة بخذلان مُحيطها، لكن الحقيقة هي أنها عطلت فكرة المُقاومة إلى عشرات السنين، وأعادت القضيّة الفلسطينيّة إلى الوراء مئات الخطوات، وظلمت الغزيين عندما قررت أن تأخذ بهم إلى الجحيم، ليكونوا واجهات تتلقى الصواريخ والغارات، وتواجه معركة الجوع وهي الأشد فتكاً بالإنسان، وتعيش مأساة الحصار والتهجير في ظل عجز من هاجم أن يُدافع. ورغم هذا كله، ورغم أن الحركة ما قبل الطوفان لم تعد كما بعده بقوتها وعنفوانها، إلا أن خطاب التعالي وعدم الإعتراف بالذنب والخطأ ، والتعنّت في الهجوم على الدول العربية هي اللغة الدارجة التي لم تزل تتمسك الحركة فيها، وكأنها بذلك تُلقي الملامة على غيرها وهي المُلامة بالدرجة الأولى.
أيُها الحيّة: نحن الأردنيين لا وصي خارجي علينا ليُوجهنا، ولا يأمرنا، ولا يبث فينا سمومه الساعية إلى قتل الإنتماء فينا. نحن ننتمي لوطن أسمه الأردن الذي لم يُساوم يوماً على قضايا أمته، ولم يتخلى عن ما يعتبرها محوريّة إهتمامه وأولى أولوياته، فظل وسيبقى نصيراً للقضيّة الفلسطينية ولحق الحياة للفلسطينيين في العيش بسلام في دولتهم وأرضهم.
أيُها الحيّة: لم يتوانى الأردن منذ نشوء القضية إلى يومنا هذا عن دوره الدفاعي وواجبه الإنساني تجاه الأشقاء الفلسطينيين. واليوم بدلاً من أن تقول كلمة إنصاف في حق دوره، تعتبر أن إنزالاته الجوية على القطاع المُحاصر والذي يموت أطفاله جوعاً دون أن تشعرون بهم، بأن ذلك لا يعدو عن كونه مسرحيّة، لكن هذا التصرف النُكراني معهوداً وليس مستغرباً على أمثالك " أصحاب الكروش المُمتلئة" التي لم يلسعها الجوع، ولم تعيش المعاناة بحذافيرها، ولا تتذكر المأساة إلّا عند قرأتها للخطابات التحريضية المكتوبة لها مُسبقاً، والتي لن تحل مشكلة أو تُخفف حدة وشدة ما يعيشه الأبرياء من صور للعذاب.
أيُها الحيّة: إذا كانت الإنزالات الأردنية الإغاثية على القطاع مسرحيّة كما تعتبرها، فيكفي أنها جاءت من منطلق إنساني ومن هدف نبيل، ويكفي أنها تركت أثراً ولو بسيط في تخفيف معاناة جوع الناس هناك.
أما الأردن، فإن أجره على الله، وعز وجل خبيرٌ بالنوايا وخفايا الصدور!