بقلم / د. انتصار الزيود -
كانت آخر نظرة له في وجه مجرم قاسي لا يعرف الرحمة، وآخر كلماته إبرة مخدر تنسيه ما يحدث له من أبشع أنواع التنكيل والظلم، لتخليصه من الألم، والكابوس الذي يحياه.
فتى الزرقاء الذي خرج ليحضر الخبز لوالدته، تتبعه قاطع طريق حاقد، أفسد عليه ما أراد القيام به والعودة إلى المنزل، فأخذه بعيداً كالذئب المفترس، ونكل به وصب كل معاني الإجرام والتنكيل والحقد في وضح النهار.
مهما وصفت أضل عاجزة عن الكتابة عن حيثيات مسرح الجريمة الذي لم نتخيل يوماََ ما أن يفتح ستارته عن مشهد يعد جزء من أبشع أفلام الرعب الممنوعة من المشاهدة، ومجرم نفذ فعلته بكل برود دون أن يفكر في عواقب وتبعات ما صنعت يداه، فقط كانت مزاجيته وعدم اكتراثه هما من يوجهانه.
تم تنفيذ الجريمة والنتيجة كانت كارثية تقشعر لها الأبدان، خرج منها فتى الزرقاء بخسائر لا تعوض، وجروح لن يمحيها الزمن، وحالة نفسية عصيبة لا يحتملها أحد، بسبب وقوعه بين يدي جبابرة لا يرحمون، بل استمتعوا بفعلتهم وصوروها ونشروها على الملأ.
والمفارقة بين كل ما حدث أن قانون العقوبات الحالي لا يتناسب مع حجم هذا الجرم الذي رجح أن تكون العقوبة سنوات معدودة، أي أن العقوبة لن تأخذ حق الفتى، ولن تكون رادعة للمجرم، أو تكون درساََ قوياََ لمن تسول له نفسه أن يرتكب أي جرم.
لذا نحن نطالب بتعديل قانون العقوبات للجرائم ليكون رادعاََ بما يكفي أن يخيف أولئك الذين يرتكبون الجرائم بأن العقوبة غليظة، لا أن يرتكب المجرم جريمته بكل استخفاف بالقانون، وبدراية منه أن ينفذ بفعلته دون أن يكون هناك عقاباََ قاسياً، ويقول في نفسه: سنوات قليلة وتمضي، وفي المقابل ضحية يأخذ حكماََ مؤبداََ لباقي عمره يعاني من تبعات الجرم الذي حرمه من بصره ويديه، غير الظروف العصيبة التي مر بها والألم الذي عاناه، ولكم أن تحكموا من الذي نال حكماََ قاسياََ: المجرم أم الضحية.