باسم سكجها -
على مدى ساعة تلفزيونية، أي نحو سبع وأربعين دقيقة، قدّم الأستاذ المخضرم عبد الكريم الدغمي خُلاصة نصف قرن من العمل العام، منها ثلاثون عاماً في مجلس النواب، أي منذ عودة الحياة الديمقراطية، ما جعله عميد النواب الآن، وقد خاض أيضاً تجربة الوزارة، ورئاسة مجلس النواب، ولم يبق عليه ليتوّج مسيرته سوى رئاسة الحكومة، وهو يقول بصراحة: لا أطمح لها، ولا أطمع بها.
الحوار التاريخي كان عبر برنامج “صوت المملكة” ومع صاحبه عامر الرجوب قبل أيام قليلة، ولكنّني حين تابعتُ ما نُشر عنه في وسائل التواصل الإجتماعي كان مجرد أربعين ثانية، يقول فيها أبو فيصل: “مجلس النواب مجرّد ديكور”، وهي جملة مثيرة بالطبع، ويحبّ مثلها الأردنيون فيتغنّون بها، على أنّ أهمّ ما قيل تمّ اجتزاؤه، ومنه الكثير الكثير من التجربة الشخصية الأثيرة للرجل المحترم.
الدغمي حجب الثقة عن حكومة عمر الرزاز، ولكنّه قال في المقابلة بجرأة معروفة عنه، وهو يوجّه عينيه للكاميرا: “أوجّه له التحية على الخطة التحفيزية، حتّى لو أثّرت هذه التحية على قواعدي الجماهيرية”، ثمّ يستعرض أسبابه الموجبة، وكأنّه يُعلن على الناس أنّ المعارضة لا تكون عبثية، فنحن مع أو ضدّ حسب المصلحة الوطنية، وما يحقّق مكاسب للمواطن.
أبو فيصل خاض في اللقاء في الملفات الصعبة، ووجّه انتقادات قاسية للأحزاب والكتل البرلمانية والحكومات والأجهزة الرسمية وتغيير وتعديل القوانين ومعاهدة ووادي عربة، ولم يبد أنّه يفعل ذلك لأنّه سيخوض الانتخابات المقبلة، فهو يعرف أنّه، في مطلق الأحوال، سيفوز بعد أن تعرّض مرات ومرات لمؤامرات حاولت أن تحول دون وصوله إلى تحت القبّة.
صاحبنا أنهى المقابلة بقوله: ما أخذ بالقوة لا يسترد سوى بالقوة، في معرض حديثه عن القضية الفلسطينية والحقارات الأميركية الإسرائىلية، بعد أن قدّم إنموذج المقاومة اللبنانية، وليس لهذا فحسب نوجّّه له التحيّة، بل لأنّه قدم جردة حساب شفافة عن تجربة نصف قرن من العمل القيادي الهام، وهكذا فتحيّتنا له مضاعفة، ويبقى أنّ الإجتزاء من المقابلة أضاع على الناس متعة وفائدة متابعتها، وللحديث بقية!