كتب: عدنان نصار * -
حمل خطاب العرش الذي القي بافتتاح الدورة العادية لمجلس الأمة الأحد، رسائل واضحة لمجلس النواب والحكومة ، بعيدا عن الجمل الديباوماسية المبطنة.. فالخطاب الملكي ،استند في لغته على الصراحة والشفافية، مما اعتبره محللين انه خطاب يحدد طبيعة المرحلة المقبلة ، سياسيا واقتصاديا ،وقضايا تمس الداخل الأردني ووجع انسانه الاقتصادي الذي صار الشغل الشاغل لحديث يومي بين مكونات المجتمع الأردني.
سياسيا..تعد المتغيرات المتسارعة في المنطقة العربية واحدة من أبرز القضايا التي تدفع الاردن إلى التحرك السياسي ، لتعزيز دوره سياسيا ،وخاصة في ظل "مماحكات" سياسية عربية وعالمية ، تحاول التقليل من دور الاردن سياسيا، رغم معرفة كافة الاقطاب السياسية العربية والعالمية ،أهمية دور الاردن جيوسياسيا ،مما يعني ذلك صعوبة القفز سياسيا واستحالته دون أن يكون للأردن الدور المحوري في تحرك عربي عالمي لمواجهة تحديات ومخاطر المرحلة المقبلة ،التي يقودها رئيس وزراء احتلال العدو الاسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وسياسيا أيضا، يعد الدور المحوري للأردن الذي يبقى منصبا للدفاع عن القضية الفلسطينية ،احد أبرز الأدوار عبر التاريخ النضالي للأردن.. ما يترتب عليه مفهوم قديم - جديد محوره التمسك بالحل العادل للقضية الفلسطينية وعاصمتها القدس ووفق حدود الرابع من حزيران ، ويجيء هذا التمسك الاردني التاريخي بصيغ هذا الحل ، كإجراء طبيعي لتوافق عربي متفق عليه منذ ابرام اتفاقيات السلام بما فيها اتفاقيتي "عربة" و "اوسلو" ، إلى جانب الحق التاريخي بالوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية ورعايتهما في القدس .
داخليا ..وضع خطاب العرش النقاط على الحروف في مسألة الوجع الاقتصادي للدولة والناس معا ..فما تعانيه الدولة اقتصاديا فاق حد المألوف ، ولا بد من حلول متكاملة لوقف نزيف الوجع الاقتصادي وتمكنه من مفاصل الدولة ورعاياها، وهذا بطبيعة الحال يتطلب جهودا جماعية رسمية وعمل حكومي ممؤسس ينهي حالة التطاول على المال العام من قبل البعض ،ايأ كان موقعه ورتبته، والعمل على تداول الشفافية والمسؤولية والأمانة الوطنية في كل القضايا المتصلة بالاقتصاد الوطني ،ورفع سوية الاقتصاد ضمن رؤية قابلة للتنفيذ بعيدا عن الجمل الحكومية والرسمية الانشائية ..ما يحتاجه المواطن منجز حقيقي يلمسه على أرض الواقع ،وينعكس ايجابيا على تفاصيل حياة الناس اليومية.
فالاردن ووفق ما جاء في خطاب الملك ضمن إطار المعنى الفني، هو أفضل حالا بحكم موقعه الجغرافي والاستراتيجي..فالاردن ،
يتمتلك الأدوات ويمتلك الظروف المتاحة له بحكم موقعه الذي يعد رئة المنطقة المحيطة التي يتنفس منها الأشقاء العرب ، غير ان الرئة الأردنية تعان من تعب قد تؤد إلى ضيق تنفس في دول الجوار في حال غياب العلاج الاقتصادي للدولة الأردنية التي تمر بتحديات اقتصادية يفهمها القريب والبعيد ..
على الرغم من التحديات الاقتصادية ،غير ان الاردن يمتلك فرص متعددة للخروج من ضائقة طال امدها ، ومن الممكن جدا ابقاء حالة الديمومة في الرخاء الاقتصادي للدولة والناس ، اذا تم استنفار واستنهاض مقدرات الوطن من أراضيه، كما فعل لبنان الشقيق، باستخراج الغاز بعد توقيع اتفاقية ترسيم الحدود مع كيان الاحتلال ..
ما الذي ينقصنا لاستنهاض ثروات الوطن وتوظيفها في خدمة الدولة وابناءها وإنهاء حالة عجز الدولة والجوع والفقر والبطالة ضمن إطار معادلة اقتصادية تستنهض كل الموارد .
داخليا أيضا..وضع خطاب العرش ، النقاط على الحروف ،في تحفيز الحكومة والجهات الرسمية على العمل بعيدا عن البيروقراطية ، وتلمس حياة المواطنين ..لكن للأسف، يبدو أن الالتقاط الحكومي للافكار وما يسكن في ذهن الملك من رؤية ، لم تلتقطه الحكومات السابقة والحالية ربما منذ اعلان تشكيلها على نحو افضل، لأسباب قد تبدو بالنسبة للناس غير مفهومة ..فالتطبيق والتشبيك بين ما يقوله الملك والفعل الحكومي على أرض الواقع يتوجب ان يكون متلازما ويعكس الرؤية الملكية على أرض واقع يتطلع الإنسان الأردني إلى تغييره نحو الأفضل بكل تفاصيله الاقتصادية التي تمر بأسوأ حالاتها.
* رئيس التحرير المسؤول لوكالة "الرقيب الدولي" الإخبارية.