كتب: عدنان نصار * -
يأخذنا الحنين ،إلى المدن العتيقة ، وتأسرنا شوارع المدن بقدمها ولسان حالها الذي يحكي عن إرث تركه المكان والإنسان معا ..إرث يحاكي وجداننا ،الذي يمتلك فائضا من المحبة ، وكثير من العتب.
تأخذنا ؛سيرة المدن عبر بوابات الذاكرة ،ونوافذ الشوق إلى حكاية نسجتها امهاتنا ذات صيف ،ونحن في هيئة جلوس على مصطبة البيت العتيق ..،تأخذنا الدهشة إلى قصص ساقتها امهاتنا ذات مساء ربيعي ، تحت ظلال الياسمين ..
اربد ،واحدة من المدن العتيقة ، التي تدفعنا طرقاتها وبيوتاتها القديمة إلى الدخول في تفاصيل الحكاية ، لنعيد قراءة المشهد على ضفاف الطرقات ، وسط المدينة العتيقة ..اربد يا سيدة الوقت ،وآنسة الزمان .
تأخذنا الدهشة بفائض من الحمولة الوجدانية ، ونحن نبتختر في طرقات وسط البلد ،واحياء صارت يتيمة بعد ما كانت العنوان الابرز في سيرة ومسيرة المدينة ، وبيوتات صارت حزينة ،بعد ما كان الفرح يسيج سلاسلها الحجرية..ونوافذ تبكي على بوابات مغلقة ومهجورة، بعد ما كانت تشع بحراك إجتماعي ،وسهرات ما بعد الغروب ،ليقص علينا رجال الحي حكايات عن وطن بناه الأجداد والاباء بعرق الجبين المجبول بالكرامة ..كرامة الإباء والوفاء للقيم الوطنية النبيلة .
(اربد) يا بيت الضمير المعلن ،ويا قصيده الضمير المستتر ، وياحكاية الجدة المغموس ثوبها بطين الأرض وترابه ..اربد ،يا أيتها المدينة الخرافية بقدمك وعطر حاراتك، كيف سلبوا "عذريتك" تحت عنوان الحداثة ، وسرقوا جمالك المخبوء ،لتحل مكانه بشاعة الرؤيا والقرار ..كيف استولى جيش المحدثين على بيادرك ليزرعوا الشيد والقرميد ..كيف ،جعلوك ضحية وانت يا مدينة العشق لم تؤذ الجلاد بكلمة.!
اربد ، أولى المدن العتيقة ،وثان مدن الديكابوليس، وثالث الروايات المحكية ..ما الذي سنحكيه لجيل الاختلاف والمختلف مع حاضرك الحزين ، وكيف لنا ان نعيد ترميم المسروق من جمالك، وانت من سيدات المدن " المانعة" لكل ظلم او جور يلحق بارثك القديم ..كيف لنا ان نبن سدا منيعا ،لمحافظة على ما تبقى من ضحكاتك الوادعة..كيف والبؤس يحاصرك من كل اتجاه..كيف ،يا قلعة الصامدين، وحصن الحالمين..وأرض الغارفين من بيادرك يوم كنت تصدرين القمح إلى روما..كيف.؟؟
* رئيس التحرير المسؤول لوكالة "الرقيب الدولي" الإخبارية .