إربد التي أعرفها .. إربد التي أحبها ..
علي عبيدات -
إربد التي أعرفها، إربد التي أحبها، إربد يعني شاعوب الأردن وعقلها النظيف، وبالشاعوب تتباهى إربد.
إربد، سهل كثيرُ الغبار ووديانٌ احتضنت المُهّجرين والمجليين، وعيون ماء كثيرة يغلب على شاربيها صعوبة المزاج والميلُ للسلم لأن الحرب لا تنتهي إذا بدأت. لو أنّ أهل التاريخ كانوا منصفين لبدأت إربد الفارسية واليونانية والرومانية ثم إربد الغسانية يوم لجأ لها المتلمس الضُّبعي خال طرفة وإربد الجاهلية "كأن خبيئةً من بيت رأسي" ثم إربد الإسلامية التي نام على كتفها أسودُ اليرموك، وأسود أبي الطيب المتنبي "وردَ الفراتَ زئيرهُ والنيل" ثم إربد التي كانت عباسية وأحسنت تعبسُنها ومملوكية عاشت رخاءً اقتصاديًا مهولًا وعثمانيةً مهملةً إلا من أهمية نفسها، عرفت بني ظفير والزيادنة والروّلة.
بالشاعوب يا إربد لتكونَ حركةً وطنيةً منذ عبد القادر التّل وعرار وناجي العزام وكايد المفلح وسودي الروسان وفواز البركات وكليب الشريدة وسعد العلي وعلي خلقي ومحمود الخطيب، بالشاعوب يا إربد التي حمت إبراهيم هنانو رغمًا عن أنف الإنجليز وجماعتهم يوم أعلنوا أول عصيان مدني في تاريخ الإمارة حتى يعود الدخيل لإربد، وعاد الدخيل على رأس جاهة تترأسها الأردن كلها وزعيمها حسين الطراونة. بالشاعوب يا إربد، بالشاعوب وقد ناديتي العدا مرارًا "ديْ وَلِه"، بالشاعوب يا رمثّا سنة 1955 بالشاعوب يا كفرسوم 1957 بالشاعوب يا كورتنا، بالشاعوب يا بني عبيدنا حيث كان البشرُ أمراءً في زمن الخوف، بالشاعوب يا مزارنا حيث مخزون أرواحنا الثقافي والديني، بالشاعوب يا بني كنانة الدِلّال وكومة المناظرة وزفّة كايد المفلح، بالشاعوب يا رمثّا الجندلية وأم اليتامى، بالشاعوب يا وسطيّة الصّلافة ويا طيبةً نحرت غازيها قبل مغاريب إربد ولم يشرب منها قطرة ماء، بالشاعوب يا رئة حوران يا طعّامة روما.
بالشاعوب يا قصبة، يا حواره يا غورنا وطماطمنا المُعلقة وشتلات موزنا يوم كانت مدن الملح تشحدُ ملحها منا، بالشاعوب بالعُرجة بالحطّة بالهدّب بوصفي المعلق في سماء بطونك بثأره الصائح في خرزاتك، بصوته النائم في آذاننا مثل تراويد الأمهات، بشعره القادم من بطن أبيه شاعرًا وجده صِلفًا وجد أبيه رياديًا صالحيًا، ببيوت أهله العاليات مثل معابد الإغريق. بالشاعوب يا إربد، بالهوية الوطنية النائمة على امتداد لوبيضة حتى مندّح، على امتداد عقربة الشمرية حتى أيدون الغارقة في خُدع القمح والآبار، بالشاعوب يا زبده فركوح وإيميل يا كفركيفيا يا بيت إيدس يا تُبنّة وكَفر الأسود، بالشاعوب "بَقُّول".
بالشاعوب يا قرى الأطباء والأحزاب والمترك والكفاءة ومعهد حوارة في زمن الموت بسبب الكسوف، بالشاعوب يا عبد الله التّل "الي بده يموت هون يظل معي والي بده دارهم يدشر المِعركة"، بالشاعوب يا ألمع نجوم الجيش والمعرفة والساسة، بالشاعوب يا أبا غنيمة، بالشاعوب يا شاعرَ خيل وفناجين إربد يا دوقراني، بالشاعوب يا مفلح الحمد بالشاعوب يا هاشم غرايبة بالشاعوب يا إربد. شاعوبنا، شبابتنا، أغنيات حراثينا. إن الطين الممعوس بماء إربد يساوي أحد عشر نجمًا ولأنه بترابها يساوي تسعَ مجرّات. نومًا سعيدًا يا أيها الشاعوب المسنود على أكتاف فوتيك أبنائك.