الرقيب الدولي -
في مثل هذا اليوم الثامن من شهر آذار وقبل خمسة عشر عاماً فقد الوطن والعالمين العربي والإسلامي علماً من أعلام الأمة، وعالماً من علمائه الأجلاء، وأستاذاً من أساتذته الفضلاء، ونموذجاً فريداً من قضاة الشرع الحنيف، إنه سماحة الشيخ العلامة/ محمد محيلان- رحمه الله - قاضي القضاة ورئيس مجلس الافتاء الأسبق في المملكة الأردنية الهاشمية الذي انتقل إلى جوار ربه في الثامن من آذار عام 2006.
عرف عن سماحة شيخنا الراحل الجليل " أبو مجلي"_رحمه الله _فهمه لمعالم الشريعة الاسلامية السمحة فهما واضحا وسطيا لا متهاونا متساهلا ولا متشددا متسلطا بل كانت مخافة الله دليله على كل شيئ .
آمن بالوطن وبالإخلاص الجاد في العمل وفي كل الاعمال التي أوكلت اليه ولم يستغل وظيفته بأية صورة او اية طريقة كانت.
وكان رحمه الله نصيراَ للفقراء والمحتاجين والمظلومين وكان لا يقبل بالظيم ان يقع على احد .
كان يؤمن بان من اخذ الأجر حاسبه الله بالعمل .
فكان العمل بالنسبة له يبدأ بالدقيقة الاولى من ساعات الدوام الرسمي وينتهي في الدقيقة الاخيرة من الساعة الاخيرة للدوام الرسمي اما هاتفه فكان لا يغلق حتى الساعة الثانية عشر ليلاَ .لانه ربما كانت لمواطن حاجة او سائل مسألة .
كانت المحاكم الشرعية في عهده تسير بانتظام مطلق فلا يوجد مماطلة ولا ترحيل للقضايا وكان رحمه الله يؤكد على انصاف الناس ويحث القضاة على ذلك.
ولد المرحوم في قرية سوم /غرب اربد عام 1922م وينتمي إلى عشيرة المراشدة وقد تلقى تعليمه الأولي لدى كتاب القرية وحفظ القرآن وسنة نبيه المطهرة. ثم ذهب الى مدينة عكا في فلسطين مشياَ على الاقدام وهو طفل لكي يتلقى تعليمه في مدرسة الجزار في مسجد الجزار في عكا وهناك حصل على (المترك الفلسطيني) التي اهلته لتلقي تعليمه ومتابعته حيث التحق بعدها بالجامع الازهر في مصر العربية وفيه تلقى علومه على كبار الاساتذة ومنهم شيوخ الازهر العلماء الاجلاء امثال الشيخ العالم محمد شلتوت والشيخ العالم مصطفى عبدالرزاق رحمهما الله تعالى .
اختص سماحة الشيخ محيلان رحمه الله تعالى بالقضاء الشرعي وحصل على الدرجة (العالمية) من الازهر الشريف في عام 1947م أي ما يعادل الدكتوراة في الزمن الحاضر .
تولى سماحة الشيخ الراحل عدة مهام إدارية وشرعية وفقهية حيث بدا عمله كاتبا مع فضيلة الشيخ عبدالفتاح المفلح القواسمة لدى محكمة جرش الشرعية وعمل في مدينة السلط وفي مدينة اربد وذلك من السنوات 1947م حتى1949م من القرن الماضي.
في عام 1951م عمل رحمه الله رئيسا لكتاب محكمة اربد الشرعية ومن ثم قاضيا بالكرك والخليل وعمان وقاضيا لدى محكمة الاستئناف الشرعية ومفتشا للمحاكم الشرعية ومديرا للمحاكم الشرعية وقاضيا للقضاة منذ عام 1984م حتى عام 1992م.
رحم الله العم الفاضل وشيخنا وفقيدنا (أبو مجلي) رحمة واسعة وأسكنه فسيح جنانه جزاء ماقدم للامة من علم نافع.. وهو الذي نفقده في كل وقت وحين ...ونستذكره بمآثره وجرأته في قول الحق ونصرة أهله .