بقلم: الباحثة نوار هايل العلاونة – تخصص علم الاجتماع/ انحراف وجريمة
يُعد تفعيل دور الشباب في المجتمع ضرورة استراتيجية للحد من معدلات الجريمة والانحراف السلوكي، وليس مجرد خطوة نحو التنمية.
فالشباب الذين يُحرمون من فرص حقيقية للتعبير عن أنفسهم، ويواجهون معدلات بطالة مرتفعة مع غياب مصادر دخل مستقرة، يصبحون فريسة سهلة للفراغ والضياع، مما يولّد لديهم شعورًا بانعدام الأهمية والانتماء. هذا الشعور قد يدفع بعضهم إلى الانخراط في الجريمة كوسيلة لإثبات الذات أو كخيار اضطراري لتحقيق دخل مادي.
إن تمكين الشباب وإشراكهم في الشأن العام يعزّز لديهم مشاعر الولاء والانتماء للمجتمع، مما يقلل من احتمالية انحرافهم أو ارتكابهم للجرائم. كما أن تمكين الشباب اقتصاديًا من خلال دعم مشاريع صغيرة أو برامج حكومية مباشرة، يسهم في الحد من الجرائم المرتبطة بالحاجة، مثل السرقة أو الاحتيال أو الاتجار بالممنوعات.
كما ان منح الشباب أدوارًا قيادية ومساحات للتأثير في القرار المجتمعي يخلق لديهم حسًا بالمسؤولية، ويجعلهم قدوة لغيرهم من الفئة العمرية ذاتها، مما يساهم في تشكيل بيئة إيجابية رافضة للسلوكيات المنحرفة. الشعور بالتهميش يُعد من أبرز العوامل التي تدفع بعض الشباب للانجراف خلف جماعات منحرفة أو عصابات إجرامية، في محاولة للبحث عن اعتراف اجتماعي، حتى وإن كان زائفًا أو عبر طرق غير مشروعة.
ان تمكين الشباب لا يُعد فقط أداة للحد من الجريمة، بل هو استثمار استراتيجي لاستدامة السلم المجتمعي. فكلما مُنح الشباب دورًا حقيقيًا في الحياة السياسية والمبادرات المجتمعية، أصبحوا جزءًا من الحل بدلًا من أن يكونوا طرفًا في المشكلة.
من هنا تبرز أهمية وجود مجالس شبابية، وبرامج تدريب قيادي، وتشريعات فاعلة تُشرك الشباب في عملية صنع القرار، ليصبحوا صُنّاع قانون لا متمرّدين عليه.