الرقيب الدولي - كتب محرر الشؤون الرياضية - خاص -
في مساء الثلاثاء المقبل، لا يلتقي منتخبا الأردن والعراق على أرض ستاد عمان الدولي فحسب، بل تلتقي قلوب شعبين شقيقين تجمعهما روابط التاريخ، وأواصر المحبة، ووحدة المصير.
هي أكثر من مباراة في كرة القدم، إنها مناسبة وطنية عابرة للحدود، تختصر في لحظاتها تسلسلاً عريقًا من العلاقات الأخوية التي ربطت الأردن بالعراق، شعبًا ودولة.
لقد بات من المؤكد أن المنتخب الأردني قد حجز مقعده المستحق في الدور المقبل من تصفيات كأس العالم 2026، فيما يتطلع المنتخب العراقي، بكل ما يحمل من طموح مشروع، إلى حسم بطاقة العبور عبر الملحق.
لكن ما يفوق الحسابات الرياضية أهمية، هو ما أظهره الأردنيون من استعداد كبير لاستقبال الجماهير العراقية بحفاوة تليق بمكانة العراق في قلوبهم.
فالملاعب مهما اشتدت فيها المنافسة، تبقى أرضًا خصبة لغرس بذور المحبة، إذا ما توفرت الروح الرياضية الحقيقية التي يتحلى بها كلا الشعبين.
ينظر الأردنيون إلى هذه المباراة بوصفها فرصة لتجديد العهد على أن الرياضة تبقى في إطارها النبيل، لا تتعداه إلى مساحات التجييش غير المسؤول أو التجاذبات المسمومة التي قد تظهر على هوامش منصات التواصل.
بل إنها فرصة لتأكيد أن المحبة بين الجماهير الأردنية والعراقية أكبر من أي نتيجة، وأن صوت العقل والاحترام المتبادل أقوى من أي محاولة شاذة لبث الفتنة.
لقد أثبتت العلاقات الأردنية العراقية عبر العقود، في السياسة كما في الرياضة، أنها تقوم على قواعد صلبة من الاحترام والمصير المشترك.
ويكفي أن نستذكر، بشهادة الأشقاء العراقيين، كيف وقف الأردنيون إلى جانب منتخب العراق في ظروف قاسية، وخصوصًا في مونديال 1986، حين كان الصوت الأردني يهتف للعراق كأنه يهتف لأبنائه.
وفي هذا السياق، يؤكد الرياضيون، من لاعبين ومدربين سابقين، أن مباراة الأردن والعراق تمثل دائمًا نموذجًا فريدًا في السلوك الجماهيري والتفاعل الحضاري. فالخاسر يبارك للفائز، والجماهير تتبادل التحايا والأعلام، وكأن الحدث مهرجان للأخوة العربية، لا منافسة تنتهي بصافرة حكم.
إن دعوة العقلاء من الطرفين لنبذ الأصوات النشاز، التي تظهر بين حين وآخر، ليست سوى تعبير عن وعي راسخ لدى الشعبين الشقيقين. وعي يدرك أن العلاقة الأردنية العراقية أكبر من مباراة، وأسمى من لحظة انفعال عابر، وأن الوطن العربي يحتاج إلى مثل هذه النماذج النقية في التفاعل الشعبي.
ختامًا، ستبقى مدرجات ستاد عمان، يوم الثلاثاء، شاهدة على هذا الاحتفاء العروبي الصادق. ستشهد المدرجات هتافًا مزدوجًا للمنتخبين، وتصفيقًا مشتركًا لكل هدف جميل، وتأكيدًا جديدًا على أن الرياضة تجمع ما قد تفرقه السياسة، وتبني جسورًا من المحبة في زمن تكثر فيه محاولات الهدم. فمرحبًا بجماهير العراق الشقيق في وطنهم الثاني، الأردن، ودامت الأخوة راسخة بين الشعبين.