الزميل عدنان نصار يكتب: من أجل الرغيف والعدل .. والوطن
كتب: عدنان نصار * -
حتى يكون لكل ما عانيناه من ظلم طبقي ،واستغلال مجتمعي ،من قبل شلة سياسية فاقدة لقيم الوفاء الوطني والإداري، لا بد لنا من وقفة كاشفة وصريحة بعد الاحداث المؤسفة التي حدثت في معان الايام الفائتة ، وما انتجته هذه الاحتجاجات من مواقف مؤلمة بحق الوطن ، وبحق عتباته التي سال عليها دم شهداء ..
على الصعيد السياسي ، نعترف وعلى الاخر ان يعترف ان حكومة بشر الخصاونة هي من أسوأ الحكومات التي مرت بتاريخ الاردن السياسي ، فهي اي الحكومة ،وكما معروف تضع رأسها في الرمال عند كل حدث كبير ، ويختفي رئيس الوزراء ،كما لو ان الأمر لا يعنيه ،مراهنا على نفاذ صبر الناس المحتجة على رفع الاسعار في معان وغيرها ..ولم تسعفه ملكاته الذهنية السياسية او ذكاءه السياسي ان وجد اصلا ، للخروج إلى الشارع ، ووضع النقاط على الحروف لكل السائلين عن اسباب ومسببات الغلاء ، و"التطنيش" من قبل الحكومة لمطالب الناس ، مما أوجد هذه الحالة أيضا المزيد من ردات الفعل الشعبية الكارهة لبقاء هذه الحكومة في موقعها، لأنها بإختصار شديد غير قادرة على تحمل مسؤولياتها الوطنية مطلقا..
تطلعات الناس واحلام الشباب، وجوع الفقراء ، ومحدودية الدخل كلها تستدع وقفة سياسية حكيمة ، والعمل على الاخذ باسبابها وعلاجها منذ فترة زمنية تعود على أقل تعديل إلى خمسة عشر عاما فائتة ، فالوضع المعيشي يزداد مرارة ، وصبر الناس لم يعد كما كان بحكم الصبر المكرر.
لا نخرج عن هذه الاحاسيس ، المستقاة من الشارع الشعبي ، ولا نغفل في اوقات سابقة حالة السكوت الشعبي أيضا، فما يتحدث به الشارع الشعبي بكل مكوناته الاقتصادية ، يعكس حالة من الصبر والوعي معا ..الصبر على الغلاء ومحدودية الدخل ، والوعي الجمعي المجتمعي الذي يضع الوطن في الافئدة..غير ان الحكومات المتعاقبة بما في ذلك حكومة د.بشر الخصاونة ،لم تراع او تنتبه عن قصد او هبل سياسي ربما ،لمطالب الشعب الذي يعيش حالة اختناق حقيقي..
ما حدث في معان والحسينية، كان مؤلما ومرفوضا، فالشهداء والمصابين من مرتبات الأمن العام هم اخواننا او ابناءنا او من صلب عشيرتتا ،ناهيك عن الكلفة المالية للأحداث المؤسفة ، وما تناقلته وكالات انباء عربية وعالمية ،بحق وطن كان حتى وقت قريب يستهجن سيل الدماء في غير عاصمة عربية ويستكره ويشجبه، لأننا أيضا بإختصار لا نؤمن بلغة الدم والبارود .
اذا كان لا بد من عملية فرز حقيقية ، تستند إلى المكاشفة والصراحة الوطنية ، فلا بد من التأشير إلى الاسباب التي اوجعت قلوب الوطن والناس ، والأخذ باسبابها والعمل على علاجها بشكل جذري بشكل مؤسسي ،لا يستند إلى مزاجية العمل السياسي او اغفال مطالب الناس ، أو حتى اللجوء إلى الدغدغة العاطفية..عملية فرز تضع الوطن الناس في اوليات رؤيتنا، حتى ننهض من ألم مشترك جمع بين الثالوث (الوطن والشعب والقيادة) .
كان لا بد من صلابة سياسية جريئة ،تقف على الأسباب وتحليلها..وفي هذا الصدد كنا قد نوهنا في مقالات متعددة خلال الشهور الفائتة إلى خطورة الوضع المجتمعي وانفلات الضوابط الاقتصادية وخروج الفقراء من دوائر الصبر ..كان لا بد من عملية تنبيه لمطالبات لا تتعدى العدل والرغيف ، الا ان المدمنين على التطنيش السياسي ،كانوا أيضا يحتاجون إلى تنبيه من قبل مفاصل الدولة الحساسة ،قبل استفحال الأمر، في ظروف اقتصادية شعبية صعبة للغاية ، وفي ظل إنتظار من يتربص بالوطن وبنا لأي فرصة لالتقاطها والبناء عليها وخلق الفوضى لا قدر الله..
علاجيا ، العضو المريض في الجسد وغير القابل للعلاج يبتر كجزء من العلاج ووقف الاستنزاف ، وما نحتاجه في الوطن هو البناء على الجسم السليم والمعافى بعيدا عن أي اهواء او إغواء..ما يهمنا في النتيجة سلامة الوطن وكرامة الناس ..
رحم الله شهداء الوطن ، وسلم الله الوطن من شر الفتن..
* رئيس التحرير المسؤول لوكالة "الرقيب الدولي" الإخبارية.