الزميل عدنان نصار يكتب؛ مونديال قطر .. ذكاء التعريف بثقافة التصالح والتسامح العربي
كتب: عدنان نصار* -
أنفقت قطر مليارات الدولارات ، استعدادا لمثل هذا الحدث الكروي العالمي، الذي في ظني لن تتكرر إقامته في دولة عربية .
قطر ، استبقت الحدث بتجهيزات ضخمة، لا يقتصر على إقامة الملاعب الباهرة، والحدائق الغناء ، والطرقات التي تحكي عن سيرة ومسيرة دولة ، بل تعدى الأمر إلى ما هو أكبر من مساحة الدولة المضيفة، وابعد من مجرد كرة قدم يتنافس على بطولتها العالمية أكثر من ثلاثين منتخبا عربيا وعالميا ..المسألة بالنسبة لقطر ،تجاوزت الحدث الأممي، وقفزت إلى ما تتطلع اليه الادمغة العربية ،في كيفية محاكاة الادمغة الغربية بكل نلاوينها الثقافية ، ومنابعها الفكرية ،وهويتها القومية ، وعقيدتها الإنسانية عبر الجغرافيا الكونية ..محاكاة عقل لعقل دون تعصب ،وقلب لقلب دون ضغائن، ووجدان لوجدان دون انحرافات معيارية في خطوط التصالح والتسامح والتصافح..استثمار قطري ، قلب المشهد الكروي العالمي رأسا على عقب، وأخرج مضمون الاهتمام بالكرة من دائرتها الضيقة إلى فضاء رحب ، وادخل مفردات مبتكرة في لعبة كروية عالمية سيتابعها مليارات البشر، الذين اتخذوا من الدوحة قبلة كروية لهم ، ليس لمتابعة اللعب الكروي على أصوله فقط ،بل تعدى الأمر آلى اهتمام بشري بعيدا عن النخب التقليدية ،ليستمعوا إلى محاكاة عربية تستند إلى الحضارة ،والارادة ، واللغة ..حضارة تقول "تبسمك في وجه أخيك صدقة" و " إماطة الأذى عن الطريق صدقة" ..حضارة تستند إلى مفهوم اممي انساني فيه من العمق البشري ما يكفي لاغراق العالم بالمحبة..فالعرب عموما ، لديهم عبر التاريخ فائض من المحبة، وحمولات زائدة عن الحاجة من التسامح، ولديهم من المقدرة على لملمة الجراح بشكل يدهش العالم الآخر ..!
العرب عموما، متفقين وسعداء على هذا الاستثمار القطري وذكاءه بهدف إيصال حضارة العرب إلى كل الذين يحجبون الرؤيا عن شعورهم من العالم الاخر ، ويروجون أيضا إلى صفات لم تكن ملازمة يوما لأمة العرب..
هي فرصة حقيقية ، والتقاطة ذكية لشرح وجهات نظرنا العربية المتفقة مع القيم الإنسانية الاممية، والمستمدة لحروف ابجدياتها من نبل التصالح والتسامح والتصافح.
أصوات القرود ، التي تسعى للتقليل من دور قطر في استضافتها لكأس العالم، تبقى مجرد قرود معلقة على شجر الغابة ، تسعى للامساك بأي غصن للعب في الهواء ،في مسعى من القرود للفت الانتباه إلى لعبهم البهلواني..فأصوات القردة التي خرجت مؤخرا سواء كانت أصوات "خنخنة" او "قحقحة" او "سكسكة" تبقى مجرد أصوات لا يسمعها الا من اعتاد العيش في الغابة ، وكان يسعى عبر التاريخ لاستحداث "قانون الغاب" في وقت سعت فيه الحضارة العربية وعززت سعيها أيضا عبر التاريخ إلى تجذير قيم الإنسانية وتعزيز روح التصالح بعيدا عن الأهواء او السقوط في فخاخ المصالح الضيقة..بصرف النظر عن أي خلاف او إختلاف علينا أن نساند قطر في إيصال صوت العرب إلى العالم ، ونسجل هدف انساني عربي يضاف إلى جموع أهدافنا الإنسانية في مرمى من يظن غير ذلك.
* رئيس التحرير المسؤول لوكالة "الرقيب الدولي" الإخبارية.