كتب: عدنان نصار * -
كنا -وما زلنا - نأمل بترجمة ما يقال إعلاميا من قبل المسؤولين ،على أرض الواقع ، دون مماطلة او تزيين لعبارات التصريحات التي نسمعها كل صبح ومساء، عبر لقاءات ثلاثية الأبعاد.
البعد الأول، يعد الوضع الاقتصادي المحلي المتردي ،احد أبرز اهتمامات الناس بكل شرائحهم ،إذ من النادر ان تجد اي تجمع في احياء المدن او الريف او البادية او المخيم ، لا يتحدث عن الوجع الاقتصادي ،ليس بمفهوم الملايين او المليارات ،بل بتفاصيل صغيرة يومية تتعلق بإحتياجات الناس ،وتفاصيل شهرية يحسبها رب الأسرة بدقة متناهية، وفي النتيجة "بطلع ملحوق".!
الملفت للانتباه، ان الناس "الساكتة" في غالبيتهم المطلقة، دخلوا في لعبة " عض الاصابع" في مراهنة على إحتمال الصبر على هذا الوضع القائم ، الذي وصل عند البعض من الناس حد "الهلوسة" في السر ، او البكاء منفردا، أو استخدام لغة التهديد والوعيد والسباب، لشخصية مفترضة يرسمها في مخيلته، لكنها شخصية حقيقية لا يعلن عنها ،خشية العقاب .!
لا أظن ، ان الناس مخطئة مطلقا ، ولا يميلون إلى الشؤم، ولا السوداوية ،لكن مرارة الوضع القائم إقتصاديا، تضعهم في حلبة مصارعة مع قوى خفية ،يسعى من خلالها الناس انتزاع قوت يومهم .
اشكاليتنا الكبرى في الدولة ،ان حجم المنظرين رسميا يزداد ، وتنظيراتهم لا تقدم ولا تؤخر ، ولا تزرع بذرة تفاؤل في دواخلهم.. وهنا ، الناس على ما يبدو قد وصلوا بالفعل إلى دائرة اليأس من تحسين مفترض للوضع الاقتصادي القائم .
ولنا ان نتخيل ، حجم المعاناة اليومية لموظفين مثلا رواتبهم لا تزيد على (400) دينار ، يتخللها أجرة بيت ونفقات دراسة أولية لطفلين فقط ،ونفقات تحت بند "الفواتير الشهرية" ..ما تبقى للخبز اليومي من دخل الراتب الشهري.؟هذا مثال وقس عليه للغالبية المطلقة من الناس .
الشعب الأردني، ليس سوداويا ، بل بيضاوي في طبعه ودواخله، وبسيط إلى حد مدهش تجعل من أحلامه ممكنه لو خلصت النية الرسمية (الحكومات) التي تعاقبت على إدارة الدولة ،بما فيها بالطبع حكومة د.بشر الخصاونة ،في العمل الجاد في إعطاء الشعب الاهتمام الأول ووضعها على أجندة الأولويات.. لكن ،يبدو أن الحكومات المتعاقبة كان همها (معاقبة) الناس عبر إدارة خاطئة حسب قول المحللين والمتابعين، وتكديس احلام الناس في عبوات تحمل تواريخ طويلة الأمد ، يصعب ترجمتها قبل المدة المقررة..هذه رؤية حكوماتنا المتعاقبة ،(والعاقبة للمتقين).
* رئيس التحرير المسؤول لوكالة "الرقيب الدولي" الإخبارية.