كتب: عدنان نصار * -
تستهويني فكره التبختر في الشوارع العتيقة للمدن ، وتجذبني الآمكنة العتيقة ،بكل تفاصيلها وأسرار حجارتها ..وتسنهويني فكرة الاستماع للناس ومجالستهم على اختلاف مكوناتهم الفكرية والثقافية ،ودرجاتهم الوظيفية ، وفي المقدمة من ذلك "الناس الغلابى " بالمعنى الفني للمصطلح ،وليس بمعناه الاجتماعي الدارج ذلك أن البعض يظن ان "الغلابى " مصطلح غير متكامل بمعايير المقياس الاجتماعي..فالغلابى هم البوصلة الرئيسة للناس، ومشاعرهم وتفاصيل حياتهم اليومية تدفعنا إلى أن نستقي الحكمة والنصح منهم مباشرة دون رقيب او تزيين للجمل المحكية .
سياسيا ..الناس عندنا ولا اقصد "النخب" يتحدثون بالسياسة المحلية والعربية باحتراف في التشخيص ،والصراحة والوضوح، بعيدا عن أي رتابة دبلوماسية كتلك التي يتحدث بها بعض الدبلوماسين لتجميل كذب يدرك الناس مراميه.
والناس ، نفسهم "الغلابى" بارعون أيضا في تشخيص المشهد السياسي المحلي ، أفضل ربما من بعض جهابذة السياسة الذين يطلون علينا تنظيريا واصفين المشهد بأنه يحاكي المثالية .!
اجتماعيا ..دخل المجتمع الأردني في بكل مكوناته دائرة القلق الاجتماعي ،من زيادة نسية الجريمة، التي أصبحت تتصدر وسائل اعلام محلية وعربية ،ووسائل السوشيال ميديا، في مشهد مقلق ومخيف ، إذ لا يخلو اسبوع من وقوع جريمة قتل ،أو انتحار او مشاجرة جماعية مما أدى هذا الارتفاع في منسوب الجريمة إلى قلق وخوف مجتمعي مشروع على مجتمع كان حتى قبل ربع قرن ، انموذجا في الأمن المجتمعي لدول الجوار ..ما الذي يجري .؟
تحتاج الإجابة على هذا السؤال ،إلى مختصين في علم الاجتماع وعلم "ادارة الدول" وعلم الاقتصاد ؛غير ان الإجابات المتنوعة التي تجيء على لسان العامة من الناس تحمل فرضيات يتوجب أخذها على محمل الجد من قبل الدولة ، وما يقوله العامة ليس مقتصرا على الفقر والبطالة وتردي الأوضاع الاقتصادية للغالبية بمن فيهم من قل دخله الشهري عن 500دينار ..كل ذلك يبدو من الاسباب المقنعة للتوتر المجتمعي الذي اصابنا ،لكن ليس مقنعا لوقوع الجريمة ..السلوك الفردي الخارج على القانون في ظني انه السبب المقنع في وقوع الجريمة، واقصد بالخروج على القانون الذين "يتعاطون" المواد المخدرة التي غيرت إلى الأسوأ السلوك الاجتماعي الفردي الذي انعكس على سمعة المجتمع الأردني وسمعة الدولة ،كنتيجة طبيعية لانتشار "ظاهرة " التعاطي المدمر للفرد والمجتمع ومسموعات الدولة .
إقتصاديا.."الغلابى" يتحدثون بصوت مسموع ، كما انينهم الذي يدور في فلك الفقر والجوع جراء الارتفاع الخطير في كلفة الحياة اليومية وقوت الناس ، وقلة او محدودية او انعدام المردود المالي للاسرة ..هذا الحديث الدائر بين "الغلابى" في المجالس والحافلات ودور العبادة وأمام بقالات الحارات ،يشكل بوصلة لمعاناة الناس ، وتفاصيل حياتهم اليومية ، الذي أيضا يستوجب التوقف عنده رسميا وشعبيا، والأخذ بأسبابه والعمل رسميا على علاجه وهذا من صلب اختصاص الدولة التي بيدها إعادة الامور المجتمعية إلى نصابها ، وإزالة ما علق من مسموعات بالدولة لم نكن نسمعها من قبل.
* رئيس التحرير المسؤول لوكالة "الرقيب الدولي" الإخبارية.
Email: alraqebnews@gmail.com