د.حازم التوبات : وجهة نظر حول تعديل الدستور بإضافة كلمة الاردنيات بجانب كلمة الأردنيين
د.حازم التوبات * -
كثر الحديث وثار الجل وتباينت الاراء وكثرت التأويلات وكل ذلك بسبب مقترح بإضافة كلمة الاردنيات بجانب كلمة الاردنيين في عنوان الفصل الثاني من الدستور الأردني.
سأتناول هذا الموضوع من منظور صياغة دستورية بعيدا عن الخوض في نوايا من اقترح الإضافة والأهداف المنوي تحقيقها من هذه الاضافة .
فالنصوص الدستورية يجب أن تكون نصوص متراصة متزنه متناسقة ومنسجمة مع بعضها البعض لا يشوبها قصورولا يعتريها النقص، وصياغتها يجب ألا تخضع لرغبات هاوٍ أو نزوات متحمس مجامل.
فكلمة (الاردنيون) وبغض النظر عن معناها ومداها اللغوي اكتسبت بالعرف الدستوري والقانوني معنىً شامل استقرت عليه التشريعات بأنه يشمل كل من ينتمي للدولة الاردنية بالجنسية سواء كان ذكراً أم أنثى. وبالتالي فإن هذا التعديل لم يضف جديدا وأصبح من قبيل الاستزادة المشوه التي تصبغ نصوص الدستور بالركاكة والتناقض والقصور. بالمقابل فإن هذه الإضافة تعني أن الدستور الاردني وعلى مدار 70 عاما منذ اصداره كان قاصراً عن حماية حقوق الاردنيات وأن جميع القوانين التي أعطت حقوقا للاردنيات لم تكن منسجمة مع أحكام الدستور.
من جانب آخر فإن الاقتراح بالتعديل جاء على عنوان الفصل الثاني دون أن يشمل جميع النصوص الدستورية، في حين أن إضافة كلمة (الاردنيات) لعنوان الفصل الثاني من الدستور تستلزم حتما ولأغراض التناغم والإنسجام بين نصوص الدستور إضافات اخرى وتعديل نصوص أخرى في الدستور وغيره من التشريعات الاخرى، لأن هذه الاضافة أعطت تفسيرا محددا لكلمة الاردنيين واقتصرتها على الذكور دون الاناث، مما يستلزم اضافة الكلمة( الاردنيات) بجانب كلمة الاردنيون في كل التشريعات الاردنية ، الامر الذي يعني تعديل كل التشريعات للتوافق مع هذه الاضافة الجديدة.
ولنبدأ كمثال على ذلك بالدستور الاردني نفسه ونكتفي به دون التطرق للتعديلات الواجبة على التشريعات الاخرى لأن الحديث سيطول، فالدستور الاردني في المادة 6/ 1 ينص على " الاردنيون امام القانون سواء لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات وان اختلفوا في العرق او اللغة او الدين" .وهنا وحسب الاضافة المقترحة يجب أن تعدل هذه الفقرة لتصبح الاردنيون والأردنيات امام القانون سواء لا تمييز بينهم في الحقوق والواجبات وان اختلفوا في العرق او اللغة او الدين . وتعديل الفقرة 3 من نفس المادة التي تنص" تكفل الدولة العمل والتعليم ضمن حدود امكانياتها وتكفل الطمانينة وتكافؤ الفرص لجميع الاردنيين .بحيث تصبح بعد التعديل "تكفل الدولة العمل والتعليم ضمن حدود امكانياتها وتكفل الطمانينة وتكافؤ الفرص لجميع الاردنيين والاردنيات وتعديل نص المادة 33 /2 من الدستور التي تنص على أن " المعاهدات والاتفاقات التي يترتب عليها تحميل خزانة الدولة شيئا من النفقات او مساس في حقوق الاردنيين العامة او الخاصة لا تكون نافذة الا اذا وافق عليها مجلس الامة ...." لتصبح بعدل التعديل "المعاهدات والاتفاقات التي يترتب عليها تحميل خزانة الدولة شيئا من النفقات او مساس في حقوق الاردنيين والأردنيات العامة او الخاصة لا تكون نافذة الا اذا وافق عليها مجلس الامة ..."
أما اذا كان الهدف من هذا التعديل هو التمهيد لمنح الجنسية لأبناء الأردنيات فلما لا نشير لذلك صراحة في الدستور من خلال تعديل المادة (5) التي تنص على أن " الجنسية الاردنية تحدد بقانون". لتصبح بعد التعديل " الجنسية الاردنية تحدد بقانون وهي حق لمن يولد لأب أردني أو لأم اردنية".
أما إذا أراد مقترحو التعديل من خلال هذا التعديل التمهيد للمساواة المطلقة بين الذكور والاناث، فهذالمساوة مستحيلة التحقق في مجتمعنا الاردني لاعتبارات دينية واجتماعية، وهي ظلم للمرأة وانتقاض من حقوقها لإنها تتنافى مع السنن الكونية والفطرة البشرية والطبيعة الفسيولوجية والتكوينية للمرأه وبالتالي نكون قد أجحفنا بحقها بدلا من أن ننصفها.
* أستاذ القانون الدستوري المساعد - جامعة اليرموك.