معين المراشده * -
ان الراصد والمتابع لمجتمع أهل الإعلام والصحافة والقلم في وطننا العربي الكبير يرى ويلحظ - الا قليل منهم - انه أصبح مجتمعاً فارغاً, زائفاً,متناقضاً, مجتمع أوشك أو كاد أن يكون بلا قيمة أو قيم, حتى أصبحنا نشك بحقيقة انتماء البعض منهم للوطن والأمة.. الأمر الذي أصبح معه لا يمكن بأي حال السكوت عن هؤلاء وعن دائهم الذي انتشر واستفحل... فتصرفات البعض منهم, وللأسف هم كثر, أصبحت لا تُحتمل, ولا تَحتمل مجاملة في قول, أو رياء في حديث.
فحقيقة هذا الداء المستشري في إعلامنا, ومثلما كبرت في ضمير الكثيرين, كبرت أيضا في ضميري وضمير كل إعلامي صادق ملتزم... فمن حق الامة علينا أن نتصدى لهم وان نكشفهم ونعريهم... وإنني من الشجاعة في قول الحق والتعرض لهذه الفئة ما لا أخشاه من أن يطلع علينا واحد من بغاتهم بكلمة جارحة مسيئة – لا سمح الله – لأنني اعرف في الكثيرين منهم, ممن ينصبون أنفسهم سدنةً للإعلام والفكر والكلمة على مد البسيط العربي ما استطيع أن اتخذه سلاحاً منهم عليهم, فالذي اعرفه في البعض منهم ليبعث على الألم ويفجر الحسرة والمرارة في النفس,وما كتاباتهم وبرامجهم التي يشرفون عليها ويقدمونها وتهافت الأكثرية منهم على السفارات الأجنبية وغيرها واللقاءات المشبوهة هنا وهناك مع اعداء الامة الا حجة لنا عليهم وشاهد إثبات على ما ندعي ونقول.
أقولها بحسرة – وإنني على يقين تام بأن الغالبية منكم تتفقون معي– أن امتنا العربية, في حاضرها, أصبحت منكوبة بإعلامها وكتابها وعلمائها أكثر مما هي منكوبة بأهل السياسة فيها ,لا بل أن سقوطنا في السياسة في كثيرٍ من الأحيان, أصله سقوطنا في الإعلام والثقافة والكلمة... وان فجيعتنا بالكثير من رجال السياسة, نجم عن فجيعتنا بأهل الإعلام والصحافة والثقافة والفكر... فالمشاهد والمستمع والمتابع للصحافة والتلفزة والفضائيات ووسائل الإعلام المختلفة في وطننا الكبير يلمس - الا ما قل – أن الأغلبية من أهل الإعلام والفكر قد أقحموا أنفسهم في سباق رخيص مع أهل السياسة, تحقيقاً لمصلحة ذاتية ومكسب شخصي رخيص عل حساب الأمة والوطن والحق والقضايا المصيرية بعيداً عن قيمنا الدينية وأخلاق وأدبيات الإعلام والثقافة والكلمة الصادقة.
وأخيرا...
فإلى هؤلاء أقول: إن من طبيعة السياسة أن تكون متعددة الوجوه, لكن من طبيعة الإعلام والفكر والكلمة الصادقة وجوهرها أن تكون بوجه واحد... وان الإعلامي والمفكر والكاتب يجب أن يكون قائداً, رائداً, يخشى الله فيما يقول ويكتب, وهذه حقيقة ثابتة لا نقاش ولا جدال فيها عند أهل الإعلام الصادق مع الله ومع وطنه وأهله ونفسه... لا أن يعمد الإعلامي والكاتب إلى الزيف والتزوير المقصود واستغلال قضايا وهموم الوطن بهدف الكسب المادي أو الاجتماعي الرخيص وجعل هذه القضايا بقرة حلوباً يعتصر أثداءها حتى أخر قطرة دم...
* ناشر ورئيس هيئة تحرير "الرقيب الدولي"